للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ينوبها الناس أفواجاً إذا نهلوا ... علوا كما على بعد النهلة النعم

المرباع: الناقة التي من شأنها أن تضع ولدها في الربيع، وهي المحمود من النتاج، ولذلك قال:

أفلح من كان له ربعيون

ومرباع: بناء المبالغة. والمودعة: المكرمة الموفرة على التناسل لا تعمل ولا تحمل. والعرفاء: التي لسمنها صار لها كالعرف. والتامك: تلسنام المشرف. والسنم: العالي، ويقال: بعير سنم، أي مشرف السنام، والمعنى: تبقى شتوتها سمينة لا يغيرها الجدب والقحط، وإنما قال تشقى به، وهو يريد الفتى لأن المراد لا ينحر من الجزر إلا ما يتنافس فيه مثل ناقة هذه صفتها. وقوله ترى الجفان من الشيزى مكللة، يريد أن الجفان المعدة للأضياف عليها كالأكاليل من فدر اللحم، وقد زينها كرم بارع، وتشريف فاخر، وهذا بما يستعمله من اللطف والتأنيس مع الأضياف، ومن توفر خدمة الخدم عليهم، ولكمال بهاء المجلس وكونه مشحوناً بما يروق ويعجب. وقوله ينوبها أي ينتابوها طائفة بعد طائفة، وفوجاً بعد فوج، فإذا تنالوا النهل رجعوا فأعقبوه العلل، كما يفعل ذلك النعم عند وروده الماء. وانتصب أفواجاً على الحال. والنعم يقع على الأزواج الثمانية، والغالب عليها الإبل.

زارت رويقة شعثاً بعدما هجعوا ... لدى نواحل في أرساغها الخدم

وقمت للزور مرتاعاً وأرقني ... فقلت أهي سرت أم عادتي حلم

وكان عهدي بها والمشي يبهظها ... من القريب ومنها النوم والسأم

يصف الخيال فيقول: زارت خيال هذه المرأة قوماً غبراً، أنضاء مرها، بعدما ناموا عند إبل ضوامر مهازيل، شدت في أرساغها سيور الغد، لشدة سيرها وتأثير الكلال فيها، فقمت من مضجعي للطيف الزائر خائفاً، وطار النوم عني، وأخذني القلق، ووساوس النفس والزمع، فميلت الفكر بين شيئين أحدهما زيارتها بنفسها، والثاني حلم نائم اعتادني فأرانيها، وصرت أراجع نفسي وأقول: كيف يجوز مجيئها،

<<  <   >  >>