للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكنت أعهدها وقطع المسافة القريبة كانت تتكلفه بشق النفس، وتحمل الثقل والكد. هذا والغالب عليها الملال مما يتعب وإن خف، وطلب الراحة بالنوم ليسير الخطب منها ببال ولو قل. وانتصب مرتاعاً على الحال.

وقوله أم عادني حلم، أم هذه هي المعادلة، والمعنى أي هذين الأمرين كان. وقوله أهي سرت، أسكن الهاء من هي مع ألف الاستفهام، لأنه أجراها مجرى واو العطف وفائه، فكلما يسكن معها لأنها لا تقوم بنفسها ولا تستقل كذلك أسكن مع الألف. ومعنى يبهظها: يثقل عليها ويشق. وقوله: والمشي يبهظها، خبر كان فيه. وقوله: وكان عهدي بها الواو واو الحال من قوله أهي سرت.

وبالتكاليف تأتي بيت جارتها ... تمشي الهوينا وما تبدو لها قدم

سود ذوائبها بيض ترائبها ... درم مرافقها في خلقها عمم

يقول: ومما عهدتها عليه أنها كانت تأتي بيت جارتها قضاء لذمام، او أداء لواجب حق، بعد الجهد والشدة، ومداورة النفس على أدنى الكلفة والمشقة، ومشيتها الهوينا، أي على رفق لا استعجال فيها ولا تهافت، ولا تقاذف في أعضائها ولا تتابع، ولذيلها على الأرض سحب وجر، فقدمها لا تبدو، ووقراها المتسبب من كبرها وعجبها لا يهفو. والهوينا: تصغير الهوني والهوني: تأنيث الأهون، وموضعها من الإعراب نصب على المصدر. وقوله تمشي الهوينا، في ضمنه ما يوصف به مثلها من الترفة وفرط الحياء، كما قال:

كأن لها في الأرض نسياص تقصه ... على أمها وإن تكلمك تبلت

وقوله سود ذوائبها يصفها بأنها في عنفوان شبابها، ففرعها أسود، وصدرها بما حواليه أبيض، ومرافقها لا حجم لها لكثرة لحمها، وخلقها تام لاستكمالها.

روبق إنى وما حج الحجيج له ... وما اهل بجنبي نخلة الحرم

قوله: وما حج الحجيج له يجوزأن يكون ما بمعنى الذي، كأنه أقسم بالبيت الذي حج إليه الحجاج، وبإهلال الحرم، وهو رفع الصوت بالتلبية، بجنبي نخلة،

<<  <   >  >>