للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مجلس محتشم فتجاذبوا وتناظروا، بقولهم: كأن على رءوسهم الطير، وهذا التشبيه إنما حصل على أنهم من السكون ومفارقة التعجل بمنزلة من على رأسه طير فيخاف في تحركه ذهابها وطيرانها؛ ولما كان هذا الشاعر يهجو بني عائدة ويهزأ بهم، جعل بدل ذلك القول كأن خروء الطير فوق رءوسهم. وقوله إذا اجتمعت قيس معاً وتميم بيان لاختلاطهم بأهل الحل والعقد من وجوه القبائل ورؤساء المحافل. وكان الحكم أن يقول: إذا اجتمعت قيس وتميم معاً، فقدم معاً لأن العاطف ينبه على موضع المعطوف. وقوله متى تسأل الضبي عن شر قومه، يروى: عن سر قومه، وهو حسن، والمعنى أنهم لئام باعتراف من قومهم به، واتفاق منهم عليه، لكنهم يسرون أمرهم ويخفونه.

[وقال محرز بن المكعبر الضبي]

أبلغ عدياً حيث صار بها النوى ... وليس لدهر الطالبين فناء

كسالى إذا لاقيتهم غير منطق ... بلهى به المتبول وهو عناء

أخبر من لاقيت أن قد وفيتم ... ولو شئت قال المنبئون أساءوا

يقول: أد إلى بني عدي رسالتي حيث استقرت بها النوى بأن زمن طلاب الأوتار فيما عليهم من إدراك الثأر قد اتصل وامتد، فليس ينقطع لكسلهم عن السعي في ردء المغار عليه، واستيطائهم مراكب العجز عن نصرته، غير مواعيد خالية من الفعل يقربونها، وأقوال مزخرفة عند الالتقاء يبذلونها، إذا اعتمدها الموتور انصرف بها مغروراً، فكانت عند السامعين لها ضلالاً وبوراً، وعناء للقلوب والجوارح، لا يحلى منه بطائل، ولا يرجع على أحد بعائد. هذا وأنا أحسن أمركم، وأقول لمن يسأل عن أخبارنا وأخباركم: إنهم قد وفوا بالعهد، وأدوا مالزمهم من النصرة بحق الجوار والعقد، لكن للأمور أوقات، وللأقضية آجال وآماد، فينثنى الذم عنكم، وينحط العار دون فنائكم، ولو شئت لقال السائل والسامع: أساؤا حين بدلوا الخفارة بالإخفار، وضيعوا الحقوق بالتقصير والإقصار: وقوله أن قد وفيتم أن فيه مخففة من الثقيلة

<<  <   >  >>