للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله عمرك. قال إني ميت لا محالة. فدعوت له بالبقاء فقال: لقد عققتني، ألا قلت:

جاور خليلَك مُسعِداً في رَمْسِه، ... كَيما يَنالُكَ في البِلى ما نالَه.

فانصرفت وطالت علي ليلتي، وغدوت فإذا هو قد مات.

[مريض مطوح.]

أخبرنا أبو علي محمد بن أبي نصر الأندلسي بمصر من لفظه قال: أخبرنا أبو محمد علي بن محمد الحافظ بالأندلس قال: أخبرنا أبو مروان عبد الملك بن أبي نصر السعدي قال: قال أبو النصر مسلمة بن سهل: حدثني أبو كامل مؤمل بن صالح البغدادي قال: قال أبو شراعة: بينا أنا أمشي بالبادية ناحية السماوة مصعداً إذا بفتىً من الأعراب ملوح الجسم معروقه، عليه قطيريتان، وهو محتضن صبياً يقول له: إذا حاذيت أبيات آل فلان، فارفع صوتك منشداً بهذه الأبيات، ولك إحدى بردتي هاتين. فجعل يكررها عليه ليحفظها فحفظها:

مريضٌ بأفناءِ البيوتِ مُطَوَّحُ، ... أبى ما بهِ من لاعِجِ الشوْق يبرَحُ.

يقولونَ: لو جئتَ النَّطاسيّ عل ما ... تَشكّاهُ من آلام وَجدكَ يُمصَحُ.

وَلَيسَ دوَاءَ الدّاءِ إلاّ بخيلَةٌ ... أضرّ بِنا فيها غرامٌ مُبَرِّحُ.

إذا ما سألْناها وِصَالاً تُنِيلُهُ ... فصُمُّ الصَّفا منها بذلك أسْمَحُ.

فتبعت الصبي، وهو لا يشعر بي، فلما حاذباها رفع عقيرته بالأبيات

<<  <  ج: ص:  >  >>