للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عرفوا آثار إبلي، فهل نزداد عليها مياً؟ قال: إي والله، الجؤذر بنت يمانية. قال: فعلينا بها! فجئت بها، فركب وردفته، ثم انطلقنا حتى نهبط على مي، وإذا الحي خلوف، فلما راتنا النسوة عرفن ذا الرمة، فتقوضن من بيوتهن حتى اجتمعن، وأنخنا قريباً، وجئناهن، وجلسنا، فقالت ظريفة منهن: أنشدنا يا ذا الرمة، فقال لي: أنشدهن، فأنشدت قوله:

وَقَفْتُ على رَبْعٍ لمَيّةَ ناقَتي، ... فما زِالتُ أبكي عنده، وَأُخاطبُه.

فلمّا انتَهَيتُ إلى قولِه:

نَظَرْتُ إلى أظْعَانِ مَيّ كَأنّها ... ذُرَى النّخلِ، أوْ أثلٌ تميلُ ذَوَائُبهْ.

فَأسْبَلَتِ العَيْنانِ وَالقَلْبُ كَاتِمُ ... بِمُغرَوْرِقٍ نَمّتْ علي سَوَاكِبُهْ.

بَكَى وَامِقٌ، جَاءَ الفِرَاقُ، وَلم يُجِل ... جَوَائِلَهَا، أسْرَارُهُ أوْ مَعَاتِبُه.

قالت الظريفة: لكن اليوم فليجل، ثم مضيت. فلما انتهيت إلى قوله:

وَقَدْ حَلَفت باللهِ مَيّةُ مَا الّذِي ... أحَادِثُهَا إلاّ الّذِي أنَا كَاذِبُهْ.

إذَنْ، فَرَمَاني اللهُ مِنْ حَيثُ لا أرَى، ... وَلا زَالَ في أرضِي عَدُوٌّ أُحَارِبُهْ.

قالت مي: ويحك يا ذا الرمة خف عواقب الله، عز وجل، ثم مضيت حتى انتهيت غلى قوله:

إذَا سَرَحَتْ من حُبّ مَيّ سَوَارِحٌ ... عَلى القَلْبِ آتَتْهُ جَميعاً عَوَازِبُهْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>