للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وما هي؟ قلت: على أن لا أراك ضاحكاً إلى أحد من خلق الله، ولا مشغلاً بغير طاعة الله، عز وجل، ولا تعمل عملاً حتى أقول لك.

قال: قد فعلت.

وكان معي لا يفارقني في حج ولا غزو، فكنت أرى منه أموراً أعلم أن الله سيرفعه بها في الدنيا والآخرة من حسن صلاته وكثرة صيامه وطول صمته وقلة كلامه، فقلت له، ذات يوم، لأتبين معرفة عقله: ألا أشتري لك جارية؟.

فقال: وما أصنع بها؟ قلت: ما يصنع الرجل بملك يمينه!.

فقال: لو أردت هذا لم أترك أهلي وأشخص عن وطني وأخرج عن دنياي، ولكان لي منهم مقنع وفي المقام معهم متسع.

فقلت: ألق هذا الصوف عنك، فإنه قد أثر ببدنك، ونهك جسمك.

فقال: أتأمري أن ألقي عني ثوباً أتقرب إلى الله، عز وجل، بخشونته وريحه، وأنا أرجو منه حسن الثواب عليه عند منقلبي إليه.

قلت: فهل لك أن تفطر فإن الصيام قد أنحلك والظمأ قد غيرك؟ فقال: سبحان الله، ما أعجب ما تأمرني به! هل الدنيا إلا يومان، يوم قد مضى علي ويوم أنا فيه لا أدري بما يختم لي من رحمةٍ أو عذاب، فإن عذبني وأنا على حالةٍ أتقرب إليه بها، فهو أجدر أن يعذبني إذا فعلت أمراً أنا فيه مقصر.

فقلت: فصم يوماً وأفطر يوماً.

فقال: ذلك صوم الأبرار، ومن أمن النار، الذين علموا أن الله، عز وجل، متجاوز عنهم، وقابل منهم، فأما أنا فأنت تعلم أني غير

<<  <  ج: ص:  >  >>