للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فاستحسن ما حكاه من وصف الشراب واللهو والغزل وسماه يومئذ صريع الغواني بآخر بيت منها وهو:

هلِ العيشُ إلاّ أن ترُوحَ معَ الصِّبا، ... وتغدو صريعَ الكأس والأعينِ النُّجل.

[غليل ودموع]

أخبرنا أبو بكر الأردستاني بقراءتي عليه في المسجد الحرام بباب الندوة قال: أخبرنا ابن حبيب المذكر قال: دخلت دار المرضى بنيسابور فرأيت شاباً من أبناء النعم، يقال له أبو صادق السكري، مشدوداً، وهو يجلب ويصيح، فلما بصر بي قال: أتروي من الشعر شيئاً؟ قلت: نعم! قال: من شعر من؟ قلت: من شعر من شئت. قال: من شعر البحتري؟ قلت: أي قصيدة تريد؟ فقال:

ألَمْعُ بَرقٍ سرى أم ضوْءُ مِصْبَاحِ ... أمِ ابتسامتُها بالمَنظَرِ الضّاحي؟

فأنشدته القصيدة، فقال: فأنشدك قصيدة؟ قلت: نعم! فأخذ في إنشاد قصيدته:

أقصِرَا! إنّ شأنِيَ الإقصَارُ، ... وَأقِلاَ لا ينفَعُ الإكثارُ.

حتى بلغ قوله:

إن جرَى بينَنا وبينَكِ عتَبٌ، ... أوْ تناءتْ منّا ومنكِ الديارُ.

فالغَليلُ الذي عهِدتِ مُقيمٌ، ... والدموعُ التي شهِدتِ غِزارُ.

فقفز وجعل يرقص في قيده ويصيح إلى أن سقط مغشياً عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>