للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا سعدى! معي إليك رسالة. قالت: وما هي؟ هاتها يا ابن الصديق، فأنشدها البيتين، فتنفست تنفساً شديداً، فقال ابن أبي عتيق: أوه أجبته، والله، بأحسن من بيتيه، وعتق ما ملك أن لو سمعها لنعق وطار.

[عاشق يقتله الصد]

حدثني محمد بع عبد الله الأندلسي، وكتبه لي بخطه، حدثني الفقيه أبو محمد علي بن أحمد الحافظ الأندلسي، حدثني أبو عبد الله محمد بن الحسن المذحجي الطبيب الأديب قال: كنت أختلف في النحو إلى محمد بن خطاب النحوي في جماعة، وكان معنا عنده أبو الحسن أسلم بن أحمد بن سعيد ابن قاضي قضاة الأندلس أسلم ابن عبد العزيز صاحب المزني والربيع، قال محمد بن الحسن: وكان أجمل من رأته العيون، وكان معنا عند محمد بن خطاب أحمد بن كليب، وكان من أهل الأدب والشعر، فاشتد كلفه بأسلم، وفارق صبره وصرف فيه القول متستراً بذلك، إلى أن فشت أشعاره فيه، وجرت على الألسنة وتنوشدت في المحافل.

فلعهدي بعرس في بعض الشوارع بقرطبة، والكوري الزامر قاعد في وسط المحفل، وفي رأسه قلنسوة وشرٍ، وعليه ثوب خز عبيدي، وفرسه بالحلية المحلاة يمسكه غلامه، وكان يزمر لأمير المؤمنين الناصر، وهو يزمر في البوق بقول أحمد بن كليب في أسلم، وهو:

أسْلَمَني في الهَوَى ... أسْلَمُ هَذَا الرَّشَا.

غَزَالٌ لَهُ مُقْلَةٌ ... يُصيبُ بهَا مَنْ يَشَا.

وَشَى بَيْنَنَا حَاسِدٌ، ... سَيُسْألُ عَمّا وَشَى.

وَلَوْ شَاءَ أن يَرْتَشِي ... على الوصْل رُوحي ارتشى.

<<  <  ج: ص:  >  >>