للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في هذا الموسم لأمر خير أو شر، وما ينبغي لنا أن نتفرق إلا وقد تتابع لنا في الناس شيء نذكر به، فقال جرير: هل لكم في سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب، نقصدها، فنسلم عليها، فلعل ذلك يكون سبباً لبعض ما نريد؟ فقالوا: امضوا بنا، فمضينا إلى منزلها، فقرعنا الباب فخرجت إلينا جارية لها بريعة ظريفة، فأقرأها كل رجل منهم السلام باسمه ونسبه، فدخلت الجارية، وعادت فبلغتهم سلامها، ثم قالت أيكم الذي يقول:

سَرَتِ الهُمُومُ فَبِتْنَ غَيرَ نِيامِ ... وَأخُو الهُمومِ يَرُومُ كلّ مَرَامِ

عَفّتْ مَعَالمَها الرّوَاسِمُ بَعدَنَا، ... وَسجالُ كلّ مُجَلجلٍ سَجّامِ

دَرَسَ المنَازِلُ بَعدَ مَنزِلَةِ اللّوَى ... وَالعَيشُ بَعدَ أُولَئِكَ الأيّامِ

طرَقَتْكَ صَائدةُ القلوبِ وَليسَ ذا ... حينَ الزيّارَةِ فَارْجِعي بسَلامِ

تُجرِي السّوَاكَ على أغرّ كأنّهُ ... بَرَدٌ تَحَدّرَ من مُتُونِ غَمَامِ

لَوْ كنتِ صَادِقَةً بمَا حَدّثْتِنا ... لَوَصَلتِ ذاكَ وكانَ غيرَ تَمامِ

قال جرير: أنا قلته. قالت: فما أحسنت ولا أجملت، ولا صنعت صنيع الحر الكريم، لا ستر الله عليك كما هتكت سترك وسترها، ما أنت بكلف ولا شريف حين رددتها بعد هدوء العين، وقد تجشمت إليك هول الليل. هلا قلت:

طرَقتْك صَائدَةُ القَلوبِ فَمَرْحباً ... نَفسِي فِدَاؤكِ فَادْخُلي بِسَلامِ

خذ هذه الخمسمائة درهم، فاستعن بها في سفرك.

ثم انصرفت إلى مولاتها وقد أفحمتنا، وكل واحد من الباقين يتوقع ما

<<  <  ج: ص:  >  >>