للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُطِيلانِ حَتى يَحسَبَ النّاسُ أنّني ... قُضِيتُ، وَلا وَاللهِ مَا قَضَيَاني

خَلِيليّ، أمّا أُمُّ عَمرو فَمِنهُمَا، ... وَأمّا عَنِ الأخرَى، فَلا تَسلاني

بُلِينا بِهِجرانٍ، وَلَمْ يُرَ مِثْلُنا ... مِنَ النّاسِ إنسَانَانِ يَهتَجِرَانِ

أشَدَّ مُصافاةً وَأبْعَدَ مِنْ قِلىً، ... وَأعصَى لِوَاشٍ حِينَ يُكْتَنَفَانِ

يُبَيّنُ طَرْفَانَا الذّي في نُفُوسِنا، ... إذا استُعجِمَتْ بالمَنطِقِ الشّفَتَانِ

فَوَاللهِ مَا أدرِي أكُلُّ ذَوِي الهَوَى ... عَلى شَكلِنَا، أمْ نَحنُ مُبتَلَيَانِ

فَلا تَعجَبا مِمّا بيَ اليَوْمَ مِنْ هَوَىً، ... فَفي كُلّ يَوْمٍ مِثْلُ مَا تَرَيَانِ

خَلِيليّ! عَن أيّ الذي كانَ بَيننَا ... مِنَ الوَصْلِ أوْ ماضِي الهَوَى تَسَلانِ

وكُنّا كَرِيمَيْ مَعشَرٍ حُمّ بَينَنَا ... هَوىً، فَحِفظنَاهُ بِحُسْنِ صِيَانِ

نَذودُ النفوسَ الحَائماتِ عَنِ الهَوَى ... وَهُنّ بأعنَاقٍ إلَيْهِ ثَوَانِ

سَلاهُ بأُمّ العَمرِ مِنهُ، فَقَدْ بَرَا ... بِهِ السّقمُ لا يَخفَى وَطولُ ضَمانِ

فَما زَادَنا بُعدَ المَدى نَقضُ مَرّةٍ، ... وَلا رَجَعَا مِنْ عِلْمِنا بِبَيَانِ

خَلِيليّ! لا وَاللهِ مَا لي بالّذي ... تُرِيدانِ مِنْ هَجرِ الصّدِيقِ يَدَانِ

وَلا ليَ بالهَجرِ اعتِلاءٌ، إذا بَدَا ... كَمَا أنْتُمَا بالبَينِ مُعتَلَيَانِ

قال: فنزل الرجل وحط رحله حتى جاءت إخوتهما فأخبرتاهم الخبر، وكانتا مهتمتين بكعب، وذلك أنه كان ابن عمهم، وكان ظريفاً شاعراً، فأكرموا الرجل ودلوه على الطريق، وخرجوا، فطلبوا كعباً بالشام، فوجدوه، فأقبلوا به، حتى إذا صار إلى بلدهم نزل كعب في بيت ناحيةً من الحي، فرأى ناساً قد اجتمعوا عند البيوت، فقال كعب لغلام قائم، وكان قد ترك بنياً له صغيراً: يا غلام من أبوك؟ قال: أبي كعب. قال: فعلام يجتمع هذا الناس؟ وأحس فؤاد كعب بشر. قال: يجتمعون على

<<  <  ج: ص:  >  >>