للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأصاب الحي من النهار مطر، فلهوا عنه، فلما كان في آخر الليل ذهب السحاب، وطلع القمر، فخرجت تريده، وقد أصابها الندى، فنشرت شعرها، وكانت معها جارية من الحي، فقالت: هل لك في عباس، وهو اسمه، فخرجتا تمشيان، فنظر إليهما، وهو على المرقب، فظن أنهما ممن يطلبه، فرمى بسهمه فما أخطأ قلب الجارية، ففلقه، وصاحت الجارية التي كانت معها، وانحدر من المرقب الذي كان عليه، فإذا هو بالجارية متضمخة بدمها، فقال عند ذلك، وهو يبكي:

نَعَبَ الغُرَابُ بِما كَرِهْ ... تُ وَلا إزَالَةَ للقَدَرْ

تَبكي، وَأنتَ قَتَلتَهَا، ... فَاصْبِرْ، وَإلا فانْتَحِرْ

قال: ثم وجأ نفسه بمشاقصه، حتى مات. وجاء الحي فوجدوهما ميتين، فدفنوهما في قبر واحد.

؟

[المأمون وذات القلم]

أخبرنا أبو الحسين أحمد بن علي بن الحسين التوزي، حدثنا أبو عبد الله محمد بن عمران المرزباني، حدثنا محمد بن عبد الله البصري، حدثنا الغلابي محمد بن زكريا، حدثنا مهدي بن سابق قال: رأى المأمون في يد جارية له قلماً، وكان ذا شغف بها، واسمها منصف، فقال:

أرَاني مَنَحتُ الحُبّ مَن لَيسَ يعرِفُ ... فمَا أنصَفتَني في المَحَبّةِ مُنصِفُ

وَزَادَتْ لَدَينا حُظوَةً يَوْمَ أعرَضَتْ ... وَفي إصْبعَيها أسمَرُ اللّوْنِِ أهيَفُ

أصَمُّ، سَميعٌ، سَاكِنٌ، مُتَحَرّكٌ، ... يَنالُ جَسِيماتِ العُلى، وَهوَ أعجَفُ

عَجبتُ لَهُ أنَّى، وَدَهرُكِ مُعجِبٌ، ... يُقَوِّمُ تَحريفَ العِبَادِ مُحَرَّفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>