للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى وجه عمرو؟ فمضوا بأجمعهم إليه، وقالوا له: إن كان قتل هذا الفتى ديناً، فإن إحياؤه لمروءة. قال: وما فعل؟ قالوا: قد صار إلى حال ما نحسبك تلحقه، فلبس ثيابه، ونهض معهم، فلما دخلوا عليه سلم عليه عمرو، وأخذ بيده، وقال: كيف تجدك يا سيدي؟ فنظر إليه وأغمي عليه ساعة، ثم أفاق وفتح عينيه، وهو يقول:

أنَا في عَافِيَة إ ... لاّ مِنَ الشّوْقِ إلَيكَا

أيّهَا العَائِدُ مَا بي ... مِنكَ لا يَخفَى عَلَيكَا

لا تَعُدْ جِسْماً وَعُدْ ... قَلباً رَهيناً في يَدَيكَا

كَيفَ لا يَهلِكُ مَرْ ... شوقٌ بسَهمَيْ مُقلَتَيكَا

ثم شهق شهقةً فارق الدنيا بها حتى دفنوه.

[كلانا أسير الهوى]

ولي من أثناء قصيدة كتبت بها إلى بعض أهل العلم:

وَذي شَجَنٍ مثلي شكَوْتُ صَبابَتي ... إلَيهِ، وَدَمعيَ مَا يُفتِّر قَطرُه

فقالَ، وَلَمْ يَملِكْ سَوَابِقَ عَبرَةٍ ... تُتَرْجِمُ عمّا قد تَضَمّنَ صَدرُه:

كِلانا أسيرٌ في الهَوَى مُتَهَدَّدٌ ... بقَتلٍ، فمَا يَنفَكّ مَا عَاشَ أسرُه

لَقَد ضَاقَ ضَرْعي بالنّوَى، وَأمَلّني ... نَعيبُ غُرَابِ البَينِ لا شِيدَ وَكرُه

وَأقلَقَني حادِي الرّكائِبِ بالضّحَى، ... وَسَائِقُهَا لمّا تَتَابَعَ زَجرُه

وَتَقويضُ خَيمِ الحيّ وَالبَينُ ضَاحِكٌ ... لفُرْقَتِنَا، حَتى بَدَا مِنهُ ثَغرُه

وَفي الجيرَةِ الغادينَ أحوىً، عذارُهُ ... يَقُومُ بهِ للعاشِقِ الصّبّ عُذرُه

غَدائِرُهُ لي شَاهِداتٌ بأنّهُ ... وَفَيتُ لَهُ من بَعدِ ما بَانَ غَدرُه

<<  <  ج: ص:  >  >>