للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النساك، له فضل وعلم وأدب، فجعل يذوب ويتغير ويصفر، لا يعرف له خبر، فعاتبه أهله وإخوانه في أمره، وقالوا: لو تداويت وشربت الدواء، فإن العلاج مبارك، وما أنزل الله تعالى داءً إلا وله دواء، فلما أكثروا عليه قال:

وَقالَ أُناسٌ لوْ تعالجتَ بالدّوَا، ... فقلتُ: الذي يَخشَى عليّ رَقيبُ

تُعالَجُ أدوَاءٌ وَللحبّ لَوْعَةٌ، ... تكادُ لها نَفسُ اللّبيبِ تَذُوبُ

وَلَوْ كانَ شُرْبي للهَلِيلَجِ نافِعاً ... من الحُبّ لم تُعكَفْ عليّ كُروبُ

بلى! في عِلاجِ الحُبّ أنّ ذنوبَهُ ... حِسانٌ وَإحساني عَليّ ذُنُوبُ

وَإن رُمتُ صَبراً أوْ تَسلّيتُ ساعةً ... فَصَبرِي لمَنْ أهوَى عليّ رَقيبُ

قال: ثم سكت، فعوتب، فلم يجب بشيء، وكان، بعدما بدا هذا القول منه، لا يكلمه أحد ممن يعرفه في شيء من الأشياء إلا بكى، ولا يستفيق من البكى، فلم يزل على ذلك حتى مات كمداً.

قال: فأنا أدركت بعض من كان ينسب إليه من ولده أو ولد ولده ينسبون إلى البكّاء.

[العاقلة الصابئة لدينها]

أخبرنا أحمد بن علي السواق، حدثنا محمد بن أحمد بن فارس عن عبد الله بن إبراهيم الزبيبي، حدثنا محمد بن خلف القاضي، حدثنا إسحق بن منصور، حدثني أبي، حدثني أبو العباس التيمي المؤدب، حدثني أبو جعفر محمد بن عبد الله بن يزيد، حدثتني أمي، وكانت من عذرة، عن أبيها أنها سمعته يحدث إخواناً له قال: أحببت جاريةً من العرب، وكانت ذات عقل وأدب، فما زلت أحتال

<<  <  ج: ص:  >  >>