للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلا يبعد الله الشباب وقولنا ... إذا ما صبونا صبوة سنتوب

فقلد سمعت شيئاً ظننت أن الجبال التي حولنا تنطق معه شجا صوت وطيب غناء، وقال لي: أتحب أن نزيدك؟ فقلت: إي والله، فقال له: هذا ضيفك وضيفنا، وقد رغب إليك وإلينا، فأسعفه بما يريد. فاندفع يغني بشعر مجنون بني عامر:

عفا الله عن ليلى الغداة، فإنها ... إذا وليت حكماً علي تجور

أأترك ليلى ليس بيني وبينها ... سوى ليلة؟ إني إذاً لصبور

فما عقلت بما غنى من حسنه، إلا بقول صاحبي: نجور عليك يا أبا يزيد، عرض بأني لما وليت الحكم عليه، جرت في سؤالي إياه أكثر من صوت. فقلت له، بعد ساعة، سراً: جعلت فداءك إني أريد المضي في أصحابي، نريد الرحلة، وقد أبطأت عليهم، فإن رأيت أن تسأله، حاطه الله من السوء والمكروه، أن يزيدني لحناً واحداً، فقال: يا أبا يزيد! أتعلم ما هو أشهى إلى ضيفنا؟ قال: نعم، أرادك على أن تكلمني في أن أغنيه. قلت: فهو والله ذاك، فاندفع يغني:

خذي العفو مني تستديمي مودتي، ... ولا تنطقي في سورتي حين أغضب

فإني رأيت الحب في الصدر والأذى ... إذا اجتمعنا، لم يلبث الحب يذهب

فقال له: قد أخذنا العفو منك، واستدمنا مودتك، ثم أقبل علينا فقال: ألا أحدثكم بحديث حسن؟ قلنا: بلى! فقال: قال شيخ من أهل العلم وبقية الناس وصاحب علي بن أبي طالب، وخليفة عبد الله بن عباس على البصرة، أبو الأسود الدؤلي لابنته ليلة البناء: أي بنية! النساء كن بوصيتك وتأديبك أحق مني، ولكن لابد مما لابد منه، يا بنية: إن أطيب الطيب الماء، وأحسن الحسن الدهن، وأحلى الحلاوة الكحل.

يا بنية لا تكثري مباشرة زوجك فيملك، ولا تتباعدي عنه

<<  <  ج: ص:  >  >>