للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعند البيهقي من حديث أبي هريرة: فأعرض لها، ومن حديث أبي نضرة عن جابر نحوه قال: فلم يعاقبها. وقال الزهري: أسلمت فتركها.

قال البيهقي: يحتمل أن يكون تركها أولا ثم لما مات بشر بن البراء من الأكلة قتلها, وبذلك أجاب السهيلي وزاد: أنه تركها؛ لأنه كان لا ينتقم لنفسه، ثم قتلها ببشر بن البراء قصاصا.

ويحتمل أن يكون تركها لكونها أسلمت, وإنما أخر قتلها حتى مات بشر؛ لأن بموته يتحقق وجوب القصاص بشرطه.


لا بسبب اختلاف الأخبار، "فعند البيهقي من حديث أبي هريرة فأعرض لها" بفتح الراء مخففة أي ما تعرض لها بسوء. ونحوه عن جابر عند أبي داود كما مر، "و" عند البيهقي أيضا "من حديث أبي نضرة" بنون ومعجمة ساكنة مشهورة بكنيته واسمه المنذر بن مالك البصري الثقة.
روى له مسلم والأربعة مات سنة ثمان أو تسع ومائة "عن جابر نحوه" نحو قول أبي هريرة فما عرض لها حيث "قال" جابر آخر الحديث، "فلم يعاقبها" وليس فاعل قال البيهقي: أخذا مما رواه عن أبي هريرة وجابر كما زعما لأنه خلاف المروي عند البيهقي "وقال الزهري" فيما رواه عبد الرزاق عن معمر عنه "أسلمت فتركها" قال معمر: والناس يقولون: قتلها. انتهى.
قال الحافظ: ولم ينفرد الزهري بدعواه: إنها أسلمت. فقد جزم بذلك سليمان التميمي، في مغازيه وساق عبارته الآتية في المصنف.
"قال البيهقي: يحتمل" في طريق الجمع "أن يكون تركها أولا، ثم لما مات بشر بن البراء من الأكلة" بضم الهمزة، أي اللقمة "قتلها، وبذلك أجاب", أي: جمع "السهيلي" في الروض، "وزاد" حيث قال: وجه الجمع بين الحديثين "أنه" صلى الله عليه وسلم "تركها" أولا؛ "لأنه كان لا ينتقم لنفسه، ثم قتلها ببشر بن البراء قصاصا", وفيه حجة لمذهب مالك في وجوب القصاص بالسم بتقديم الطعام المسموم، وقال الحنفية والشافعية: فيه الدية لا القصاص؛ لأنه مختار باشر ما هلك به بغير الجاء، والدية للتغرير وتسفوا الجواب عن حديث قتلها بأنه لنقض العهد لا القصاص، وفيه: إن هذا إنما هو على أنها لم تسلم أما على إسلامها وهو الحق؛ لأن ناقله مثبت مع مزيد إتقانه وكونه لم ينفرد به فلا يصح الجواب؛ لأن ناقض العهد إذا أسلم عصم نفسه، "ويحتمل" كما قال الحافظ: بعد ذكر هذا الخلاف في قتلها والجمع "أن يكون تركها لكونها أسلمت، وإنما أخر قتلها حتى مات بشر لأن بموته يتحقق وجوب القصاص بشرطه".
قال شيخنا: فيه نظر لأن قصتها إن صحت على هذا الوجه كان فعلها قبل الإسلام وبعد

<<  <  ج: ص:  >  >>