للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحده ذلك اليوم عشرين رجلا.

وقال ابن القيم في الهدى النبوي: كان الله تعالى وعد رسوله إذا فتح مكة دخل الناس في دين الله أفواجا، ودانت له العرب بأسرها، فلما تم له الفتح المبين اقتضت حكمته تعالى أن أمسك قلوب هوازن ومن تبعها عن الإسلام، وأن يجمعوا ويتأهبوا لحربه عليه الصلاة والسلام، ليظهر أمره تعالى، وتمام إعزازه لرسوله ونصره لدينه، ولتكون غنائمهم شكرانا لأهل الفتح، وليظهر الله تعالى رسوله وعباده المؤمنين، وقهره لهذه الشوكة العظيمة التي لم يلق المسلمون قبلها مثلها، ولا يقاومهم بعد أحد من العرب، فاقتضت حكمته سبحانه أن أذاق المسلمين أولا مرارة الهزيمة والكسرة.


الصحابة، شهد بدرا وما بعدها، مات سنة أربع وثلاثين، وقال أبو زرعة الدمشقي: عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين سنة "وحده ذلك اليوم" كما رواه أحمد وابن حبان عن أنس: قتل أبو طلحة يومئذ "عشرين رجلا" وأخذ أسلابهم "وقال ابن القيم في الهدي النبوي" في بيان حكمة ما جرى يومئذ: "كان الله قد وعد رسوله" وهو الصادق الوعد "إذا فتح مكة، دخل الناس في دين الله أفواجا، ودانت" طاعت وانقادت "له العرب بأسرها، فلما تم له الفتح المبين اقتضت حكمته تعالى أن أمسك قلوب هوازن ومن تبعها عن الإسلام" مديدة "وأن يجمعوا" من قدروا على جمعه، "ويتأهبوا" يجتمعوا بعد ذلك، فهو مغاير "لحربه عليه الصلاة والسلام، ليظهر أمره تعالى وإتمام إعزازه لرسوله، ونصره لدينه، ولتكون غنائمهم شكرانا" مصدر شكر ككفر، أي اعترافا بنعمه "لأهل الفتح، وليظهر الله تعالى رسوله وعباده المؤمنين، وقهره لهذه الشوكة" شدة البأس، والقوة "العظيمة التي لم يلق المسلمون قبلها مثلها" في الكثرة وشدة البأس.
وغاية ما لقوا في أحد ثلاثة آلاف، وكان لهم الظفر ابتداء، لكن لما خالف الرماة موقفهم الذي أمرهم عليه السلام بعدم مفارقته استشه من استشهد إظهارا لأنه لا ينبغي مخالفته في أمر ما، وغاية ما لقوا في الخندق عشرة آلاف، ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا.
وأما هؤلاء فكانوا أضعاف المسلمين، كما قال البرهان وغيره، وفي كلام ابن القيم: هذا رد على من زعم أنهم كانوا أربعة آلاف، "ولا يقاومهم بعد أحد من العرب" قيد بهم؛ لأنه قاومهم من فارس والروم بعد العهد النبوي أضعاف ونصرهم الله ببركته صلى الله عليه وسلم.
قال في الهدى، ولغير ذلك من الحكم الباهرة التي تلوح للمتأملين "فاقتضت حكمته سبحانه أن أذاق المسلمين أولا مرارة الهزيمة والكسرة" بسين مهملة، عطف مرادف، سوغه

<<  <  ج: ص:  >  >>