للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي البخاري من حديث ابن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث بكتابه إلى كسرى مع عبد الله بن حذافة السهمي، فأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين، فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى، فلما قرأه مزقه، فحسبت أن ابن المسيب قال: فدعا عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يمزقوا كل ممزق.


"وفي البخاري" في العلم والجهاد والمغازي وغيرها من أفراده عن مسلم "من حديث" الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن "ابن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث بكتابه إلى كسرى مع عبد الله بن حذافة" القرشي "السهمي"، أسلم قديما، وكان من المهاجرين الأولين، قيل: واختاره لتردده عليه كثيرا، "فأمره"، أي: أمر المصطفى عبد الله "أن يدفعه إلى عظيم البحرين" المنذر بن ساوى -بالمهملة وفتح الواو الممالة- العبدي نائب كسرى على البحرين، "فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى".
قال الحافظ: الفاء عاطفة على محذوف تقديره: فتوجه إليه، فأعطاه الكتاب، فأعطاه لقاصده عنده، فتوجه به، فدفعه إلى كسرى، ويحتمل أن المنذر توجه بنفسه، فلا يحتاج إلى القاصد، ويحتمل أن القاصد لم يباشر إعطاء كسرى بنفسه، كما هو الأغلب من حال الملوك، فيزداد التقدير ا. هـ، ولم يتنزل للجميع بينه وبين ما ذكره الواقدي أن عبد الله بن حذافة دفع الكتاب إلى كسرى؛ لأن مثله لا يعارض به ما في الصحيح، فإن كان محفوظا، فيحتمل أن عبد الله لما وصل إلى عظيم البحرين، أرسله أو ذهب به إلى كسرى، فاستأذن حتى دخل عليه، "فلما قرأه" رواية الكشميهني، وللأكثر، فلما قرأ بحذف المفعول، وفيه مجاز، فإنه لم يقرأه بنفسه، وإنما قرئ عليه، كما ذكر ابن سعد من حديث عبد الله بن حذافة، هكذا في الفتح، فقول المصنف: قرأه بنفسه، أو قرأه غيره عليه, فيه نظر, "مزقه" بزاي وقاف، أي: قطعه، وهذا لفظ البخاري هنا.
وفي كتاب العلم، وله في الجهاد خرقه بخاء معجمة، وشد الراء بدل مزقه، وهو قريب منه في المعنى، "فحسبت أن ابن المسيب"، قال الحافظ: قائله الزهري، وهو موصول بالإسناد المذكور، ووقع في جميع الطرق مرسلا، ويحتمل أن ابن المسيب سمعه من عبد الله بن حذافة صاحب القصة، "قال: فدعا عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يمزقوا كل ممزق" بفتح الزاي فيهما، أي: يتفرقوا ويتقطعوا، فاستجاب الله لرسوله، فسلط الله على أبرويز ابنه شيرويه، فقتله، ثم قتل إخوته، وكان أبوه لما علم أن ابنه يقتله, احتال على قتل ابنه بعد موته، فعمل في بعض خزائنه المختصة به حقا مسموما، وكتب عليه حق الجماع من تناول منه، كذا جامع، كذا, فقرأه شيرويه، فتناول

<<  <  ج: ص:  >  >>