للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حديث الحمار]

ومن ذلك حديث الحمار: أخرج ابن عساكر عن أبي منظور، قال: لما فتح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خيبر, أصاب حمارًا أسود، فكلّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحمار، فكلمه الحمار، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "ما اسمك؟ " قال: يزيد بن شهاب، أخرج الله من نسل جدي ستين حمارًا كلهم لا يركبه إلّا نبي، وقد كنت أتوقعك أن تركبني، لم يبق من نسل جدي غيري, ولا من الأنبياء غيرك, وقد كنت قبلك لرجل يهودي, وكنت أتعثّر به عمدًا، وكان يجيع بطني ويضرب ظهري، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم: "فأنت يعفور،..............................................


حديث الحمار:
"ومن ذلك", أي: كلام الحيوانات وطاعتها له "حديث الحمار" إضافة لأدنى ملابسة، أي: الخبر المتعلق بشأنه "إخراج ابن عساكر عن أبي منظور،" بفتح الميم، وسكون النون، وضم الظاء المعجمة، قال في الإصابة في الكنى: غير منسوب ذكره في خبر واهٍ، "قال: لما فتح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خيبر أصاب حمارًا أسود، فكلّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحمار، فكلَّمه الحمار،" لعله علم بحاله، فابتدأه بالكلام ليظهر ما أخبره به، أو أوحي إليه بتكليمه، لظهور هذه المعجزة, "فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "ما اسمك؟ " من عطف المفصل على المجمل، بيان لما كلمه به على نحو: توضأ فغسل وجهه، "قال: يزيد بن شهاب" اسم أبيه دنية على الظاهر، ويحتمل أنه جده الذي قال فيه: "أخرج الله من نسل جدي ستين حمارًا" يحتمل أنه اقتصر على الستين، لوصفهم بقوله: "كلهم لا يركبه إلّا نبي" فلا ينافي أن فيهم إناثًا لم يركبها نبي، ويؤيده أن في لفظ: كان في آبائي ستون، وكأنه ألهم ذلك، فنطق به على حد: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} ، وقد زاد في الجواب على السؤال التذاذًا بخطاب الرسول نظير قوله: {هِيَ عَصَايَ} الآية. فإنه يطال الكلا م مع الأحبة تلذّذًا، أو ليرغب فيه، خوفًا أن يدفعه لغيره، ففيه حضّه على أخذه واختصاصه به، ولا يجعله غنيمة أو في الغنيمة، وعبَّر بكلهم -بميم الجمع الموضوعة للعقلاء- تشبيهًا لأصوله بالعقلاء، لشرفهم بركوب الأنبياء لهم، "وقد كنت أتوقعك أن تركبني" بدل اشتمال من الكاف في أتوقعك؛ لأنه لم يبق من نسل جدي غيري،" قد يشعر بأنه من جملة الستين، "ولا من الأنبياء غيرك،" فلذا كنت أتوقع ركوبك، وظاهرًا، وصريح قوله: لا يركبه إلّا نبي، الحضر فينا في قوله: "وقد كنت قبلك" أي: قبل وجودك بخيبر، أو قبل اختصاصي بك، رجاء أن لا يأخذه إلّا هو، فلا يرد أنه لم يذكر أنه اختص به حتى يقول قبلك، "لرجل يهودي" يركبني، بناء على أنه من الستين، إلّا أن يكون الحصر بناء على الغالب، أو المعنى لا يعده لركوبه ويقتصر عليه إلّا نبي دون غيره، أو أنه سلب الحكم عن الجملة، فهو من سلب العموم، لا عموم السلب، "وكنت أتعثّر به عمدًا،" أي: أتكلف العثار، كراهة لركوبه علي، "وكان يجيع بطني ويضرب ظهري" كناية عن أذاه أعمّ من كونه يضرب ظهره، أو بالنخس أو بغيرهما، "فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم: "فأنت" اسمك "يعفور" مفرع على عثارة؛ لأنه يثير الغبار، أو لأنه أسود فشبهه، بالتراب، فسماه يعفورًا، كذا تكلف، وقد قدّم في دوابه -عليه السلام- قول

<<  <  ج: ص:  >  >>