للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: أنه أرسل رحمة للعالمين، كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: ١٠٧] قال السمرقندي: يعني للجن والإنس، وقيل لجميع الخلق، رحمة بالهداية للمؤمن ورحمة للمنافق بالأمان من القتل. وقال ابن عباس: رحمة للبر والفاجر، لأن كل نبي إذا كذب أهلك الله من كذبه، ومحمد صلى الله عليه وسلم أخر من كذبه إلى الموت أو القيامة. وأما من صدقه فله الرحمة في الدنيا والآخرة. فذاته عليه الصلاة والسلام -كما روي- رحمة نعم المؤمن والكافر كما قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} [الأنفال: ٣٣] وقال: "إنما أنا رحمة مهداة".


البارزي: وإلى الحيوانات والجمادات.
"ومنها: أنه أرسل رحمة للعالمين" منّ بها على عباده لطفًا منه تعالى، ومحض جود وفضل، لا وجوبًا، كما زعمت المعتزلة، "كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} ، قال أبو بكر بن ظاهر: زين الله تعالى محمدًا صلى الله عليه وسلم بزينة الرحمة، فكونه وجميع شمائله وصفاته وحيائه وموته رحمة؛ كما قال: "حياتي خير لكم ومماتي خير لكم"، وقال: "إذا أراد الله رحمة بأمة قبض نبيها قبلها فجعله لها فرطًا وسلفًا".
"قال السمرقندي: يعني للجن والإنس" تفسير للعالمين، لإرشاده لهم ولطفه بهم، وحمله لهم على ذلك، الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، "وقيل لجميع الخلق" أهم من الثقلين، وهو المتبادر من العالمين "رحمة بالهداية" للمؤمن، "ورحمة للمنافق بالأمان من القتل" وتأخير عذابهم، وللكفار بالأمن من المسخ والخسف، وعذاب الاستئصال "وقال ابن عباس: رحمة للبر والفاجر، لأن كل نبي إذا كذب أهلك الله من كذبه ومحمد صلى الله عليه وسلم أخر من كذبه إلى الموت أو إلى القيامة"، والتأخير رحمة.
"وأما من صدقه، فله الرحمة في الدنيا والآخرة" بالشفاعة التي ادخرها لأمته في القيامة، "فذاته عليه الصلاة والسلام، كما روي رحمة، نعم المؤمن والكافر؛ كما قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ} بما سألوه {وَأَنْتَ فِيهِمْ} الآية" لأن العذاب إذا نزل عم ولم تعذب أمة إلا بعد خروج نبيها، والمؤمنين منها.
"وقال عليه الصلاة والسلام: "إنما أنا رحمة" أي: ذو رحمة، أو بالغ في الرحمة حتى كأني عينها، لأن الرحمة ما يترتب عليه النفع ونحوه وذاته كذلك فصفاته التابعة لها، كذلك "مهداة" بضم الميم، وللطبراني: "بعثت رحمة مهداة".
قال ابن دحية: معناه أن الله بعثني رحمة للعباد، لا يريد لها عوضًا؛ لأن المهدي إذا كانت هديته عن رحمة لا يريد لها عوضًا، وقال غيره: أي ما أنا إلا رحمة أهداها الله للعالمين، فمن

<<  <  ج: ص:  >  >>