للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[المجلد الثامن]

[المقصد الخامس: في تخصيصه عليه الصلاة والسلام بخصائص المعراج والإسراء]

...

بسم الله الرحمن الرحيم

المقصد الخامس: في تخصيصه عليه الصلاة والسلام بخصائص المعراج

والإسراء، وتعميمه بعموم لطائف التكريم في حضرة التقريب بالمكالمة والمشاهدة والآيات الكبرى.

اعلم -منحني الله وإياك الترقي في معارج السعادات، وأولصلنا به إليه في حظائر الكرامات- أن قصة الإسراء والمعراج من أشهر المعجزات وأظهر البراهين البينات، وأقوى الحجج المحكمات وأصدق الأنباء، وأعظم الآيات، وأتم الدلالات الدالة على تخصيصه عليه الصلاة والسلام بعموم الكرامات.


"المقصد الخامس: في" بيان "تخصيصه عليه الصلاة والسلام بخصائص المعراج والإسراء" أي: جعلها مخصوصة به لا تتجاوزه إلى غيره، والمراد به الأمور الخارقة التي اختص بها ليلته كرؤية الله والجنة، وقطعه في زمن قليل، واتساع الزمن حتى صلى بالأنبياء التي غير ذلك، فلمان كانت تلك الأمور كلها لم تتعده إلى غيره جعل المصنف همته في الترجمة بيانها؛ لأنه صار بها مقدمًا على من عداه ومقربًا في حضرة التقديس عن كل ما سواه، وقدم المعراج في الذكر لتعلقه بالحضرة الإلهية، وآخره في الترتيب مطابقة للواقع.
"وتعميمه"، أي: تغطيته وستره "بعموم،" أي: كثرة "لطائف التكريم" أي: النعم التي أكرمه الله بها التي لا تحصى بجعلها شاملة كالملاءة التي تشتمل على جميع جسد من جعلت عليه طفي حضرة التقريب،" أي: المكان الذي خاطبه فيه، "بالمكالمة والمشاهدة" له سبحانه وتعالى "والآيات الكبرى" العظمى.
"اعلم منحني" أعطاني، "الله وإياك الترقي في معارج السعادات" أي: المراتب المحصلة لها لمن أراد الله به الخير والمعراج عند أهل الطريق منتهى سير المقربين الذي هو عروجهم، أي: سلوكهم؛ لأن كل سالك إلى طريق كان غايته الحق بشرط فوزه منه بسعادة ما، فذلك السالك صاحب معراج وسلوكه عروج، "وأصولنا" الله "به"، أي: النبي -صلى الله عليه وسلم- "إليه"، أي: إلى قرب المكانة إلى الله "في حظائر الكرامات"، أي: المحلات التي تنزل بها الكرمات وتليق بها، أو المراد بها الجنهة، وأصل الحظيرة ما يعمل للإبل من الشجر ليقيها البرد، ونحوه، "أن قصة الإسلاء والمعراج"، بزنة مفتاح السلم، وجمعه معارج ومعاريج، ويقال: معرج للواحد، بكسر الميم وفتحا "من أشهر المعجزات وأظهر البراهين البينات" الواضحات، "وأقوى الحجج" بالضم، جمع حجة "المحكمات وأًدق الأنباء"، جمع نبأ، بالهمز، وهو الخبر، "وأعظم الآيات وأتم الدلالات الدالة على تخصيصه عليه الصلاة والسلام بعمو الكرامات" لما اشتملت عليه من الأمور الخارقة للعادة التي تقصر العقول عن إدراك مثلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>