للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النوع الثاني: في أخذ الله تعالى له الميثاق على النبيين]

فضلًا ومنة ليؤمنن به إن أدركوه ولينصرنه

قال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ} الآية [آل عمران: ٨١] .

أخبر تعالى أنه أخذ ميثاق كل نبي بعثه، من لدن آدم إلى محمد صلى الله عليه وسلم أن يصدق بعضهم بعضًا، قال الحسن وطاوس وقتادة.


"النوع الثاني":
"في أخذ الله تعالى له الميثاق على النبيين"، عداه بعلى، إشارة إلى أنه ألزمهم به، وعداه فيما يأتي بمن، إشارة إلى أنهم التزموه "فضلًا" أي: إحسانًا "ومنة" أي: إنعامًا، "ليؤمنن به إن أدركوه، ولينصرنه" على عدوه، "قال الله تعالى: {وَإِذْ} أي: حين متعلق بمقدر، أي: اذكر، وقيل: بأقررتم وإن أخر عنه {أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ} عهدهم كلهم، أو مع أممهم وأنبياء بني إسرائيل {لَمَا} "بفتح اللام للابتداء"، أو توكيد معنى القسم الذي في أخذ الميثاق، وكسرها متعلقة بأخذ، وما موصولة على الوجهين، أي: للذي {آتَيْتُكُم} إياه، وفي قراءة: آتيناكم، {مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ} من الكتاب والحكمة، وتنوين رسول، وإبهامه للتعظيم، والمراد محمد صلى الله عليه وسلم، أو للتميم على القولين الآتين للمصنف، {لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ} [آل عمران: ٨١] جواب القسم إن أدركتموه، وأممهم تبع لهم في ذلك.
"أخبر تعالى" في الأزل، كما حكاه المصنف أول الكتاب، "أنه أخذ ميثاق كل نبي بعثه" صفة نبي، ولا يرد أنه قاصر على الرسل، مع أن المتبادر العموم، لجواز أن معناه: أوحى إليه، والبعث يطلق على الإيحاء، "من لدن آدم إلى محمد صلى الله عليه وسلم أن يصدق بعضهم بعضًا" على نبوته، ومعناه، كما في البغوي: أنه أخذ العهد على كل نبي أن يؤمن بمن يأتي بعده، وينصره إن أدركه وأن يأمر قومه بنصره، فأخذ الميثاق من موسى أن يؤمن بعيسى، ومن عيسى أن يؤمن بمحمد، انتهى. فليس معنى هذا القول يصدق بعضهم بعضًا على نبوة المصطفى، وأنهم من أتباعه ومؤمنون به كما توهم، إذ لو كان كذلك ما صح قول المصنف الآتي: أن ذا القول لا يخالف قول علي وابن عباس، إذ هو عينه على ذا الفهم، "قاله الحسن" البصري، "وطاوس"

<<  <  ج: ص:  >  >>