للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الأول: في وجوب محبته واتباع سنته والاقتداء بهديه وسيرته صلى الله عليه وسلم]

اعلم أن المحبة -كما قال صاحب "المدارج" هي المنزلةالتي يتنافس فيها المتنافسون، وإليها يشخص العاملون، وإلى علمها شمر السابقو، وعليها تفاني المحبون، وبروح نسيمها بروح العابدون، فهي قوت القلوب، وغذاء الأرواح


غير هذا، ويقال: رهطه الأدنون، ويقال: أقرباؤه، فهذا الأخير صريح في أنه عطف مساوٍ، والقولان: قبله خاص على عام "وحكم الصلاة والتسليم عليه زاده الله فضلًا وشرفًا لديه" أي: عنده والجمع بينهما أطناب، أو الأول لطلب زيادة العلوم والمعارف الباطنة، والثاني: لطلب الأخلاق الكريمة الظاهرة، أو الأول ضد النقص، والثاني: علو المجد وهوميل إلى ترادفهما، وسؤال الزيادة لا يشعر بسبق نقص لقبول الكامل زيادة الترقي في غايات الكمال، فاندفع زعم جمع امتناع الدعاء له عقب نحو ختم القرآن، باللهم اجعل ذلك زيادة في شرفه على أن جميع أعمال أمته يتضاعف له نظيرها، لأنه السبب فيها أضعافًا مضاعفة لا تحصى، فهي زيادة شرفه، وأن يسأل له ذلك، فسؤاله تصريح بالمعلوم، كما في التحفة "وفيه ثلاثة فصول":
الأول: في وجوب محبته واتباع سنته والاقتداء بهديه وسيرته صلى الله عليه وسلم، اعلم أن المحبة" اللام عوض عن المضاف إليه، أي: محبة المصطفى، وبدأ ببيانها لأن الحكم على الشيء فرع تصوره، فاعتقادوجوبها إنما يكون بعد تصورها، "كما قال صاحب المدارج" أي: مدارج السالكين اسم لشرح ابن القيم على كتاب منازل السائرين لشيخ الإسلام عبد الله بن محمد بن علي الأنصاري، من ولد أبي أيوب الصحابي، المؤلف، الواعظستين سنة للناس، الميت سنة إحدى وثمانين وأربعمائة عن ست وثمانين سنة "هي المنزلة": الرتبة العلية "التي يتنافس فيها المتنافسون" أي: يتسابقون إليها ويتزاحمون عليها؛ بأن يطلبها كل واحد، وأدًا أنه يبلغ فيها مرتبة لا يبلغها غيره.
وفي القاموس: نافس فيه رغب على وجه المباراة في الكرم، كتنافس "وإليها يشخص العاملون" أي: يرفعون أبصارهم مجتهدين في تحصيلها، والمراد أنهم يجتهدون في الأعمال ويخلصون فيها، لينالوا بها تلك المرتبة السنية، وعبر عن ذلك بشخوص المبصر لما جرت به العادة إن منطلب غائبًا عنه وانتظره كثر تلفته ونظره إلى الجهة التي يأتي منها، "وإلى علمها أي: معرفتها "شمر السابقون" اجتهدوا في معرفتها والوصول إليها "وعليها تفاني"

<<  <  ج: ص:  >  >>