للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما أمره الله تعالى.

ولم يبعد منه قومه ولم يردوا عليه، حتى ذكر آلهتهم وعابها، وكان ذلك سنة أربع، كما قال العتقي. فأجمعوا على خلافه وعداوته إلا من عصم الله منهم بالإسلام. وحدب عليه عمه أبو طالب ومنعه وقام دونه.

فاشتد الأمر، وتضارب القوم، وأظهر بعضهم لبعض العداوة، وتذامرت قريش على من أسلم منهم يعذبونهم ويفتنونهم عن دينهم.

ومنع الله رسوله بعمه أبي طالب وببني هاشم -ما عدا أبا لهب-................


قلوبهم بما أورده عليهم من الحجج والبراهين التي عجزوا عن دفعها "كما أمره الله تعالى و" مع ذلك "لم يبعد منه قومه، ولم يردوا عليه" بل كانوا؛ كما قال الزهري: غير منكرين لما يقول وكان إذا مر عليهم في مجالسهم يقولون: هذا ابن عبد المطلب يكلم من السماء واستمروا على ذلك، "حتى ذكر آلهتهم وعابها" لما دخل المسجد يومًا فوجدهم يسجدون للأصنام فنهاهم، وقال: "أبطلتم دين أبيكم إبراهيم"، فقالوا: إنما نسجد لها لتقربنا إلى الله، فلم يرض بذلك منهم وعاب صنعهم، "وكان ذلك في سنة أربع" من النبوة؛ "كما قاله العتقي" بضم المهملة وفتح الفوقية وقاف، وقيل: سنة خمس، وجمع بأن ابتداء الإظهار والمعاداة في الرابعة، وكماله واشتداده في الخامسة.
"فأجمعوا على خلافه" أي: عزموا على مخالفته وصمموا عليه "و" على "عداوته إلا من عصم الله منهم بالإسلام" وهم قليل مستخفون؛ كما في العيون، ولا ينافيه قول الزهري: استجاب له من أحداث الرجال وضعفاء الناس حتى كثر من آمن به "وحدب" بفتح الحاء وكسر الدال المهملتين فموحدة، أي: عطف "عليه عمه أبو طالب ومنعه" وأصل الحدب انحناء في الظهر، ثم استعير فيمن عطف على غيره ورق له؛ كما في الشامية. "وقام دونه" كناية عن منعهم من الوصول له، يقال: هذا دون ذلك، أي: أقرب منه، أي: قام في مكان قريب منه حاجزًا بينه وبينهم، "فاشتد الأمر وتضارب القوم" ضرب بعضهم بعضًا بالفعل؛ كما جاء أن سعد بن أبي وقاص كان في نفر من قريش يصلون في بعض شعاب مكة فظهر عليهم نفر من المشركين فعابوا صنعهم حتى قاتلوهم فضرب سعد رجلا منهم بلحى بعير فشجه، فهو أول دم أهريق في الإسلام، أو المعنى: أرادوا التضارب وعزموا عليه إشارة إلى ما كان بين أبي طالب وقومه.
"وأظهر بعضهم لبعض العداوة وتذامرت قريش" بذال معجمة: حض بعضهم بعضًا؛ كما في النور وغيره. وفي نسخة: توامرت بالواو، أي: تشاورت والأولى أنسب، بقوله: "على من أسلم منهم يعذبونهم ويفتنونهم عن دينهم ومنع الله رسوله بعمه أبي طالب، وببني هاشم

<<  <  ج: ص:  >  >>