للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو أرشد منهما، يشتغل بالعلم، لكنه ينسب إلى البخل.

وفي هذه الأيام وصل الخبر إلى دمشق، بأن دولتباي، المنفصل عن نيابتها، المطرد في البلاد، قد أنعم عليه بنيابة طرابلس، وأن النجمي الخيضري، والرضي الغزي شكا عليهما أحمد، الجابي بسوق المارستان النوري، في مصر، وساعده شمس الدين الصفدي هناك؛ وبأن يعتقل بدر الدين بن الباسوفي بمرسوم شريف، لكونه كتب وصية لبعضهم.

وفي يوم الجمعة مستهل جمادى الأولى منها، رضي النائب على الأمير ابن القواس، وخلع عليه.

في يوم السبت ثانيه نهب جماعة النائب بلد دمر، وأخذوا موجودهم.

وفي يوم الخميس رابع عشره اجتمع أهل حارة ميدان الحصى، وأهل حارة الشاغور، بمصلى العيدين، واصطلحوا، وتحالفوا على نائب الشام وجماعته، لكثرة ظلمهم.

وفيه وقع أهل الشاغور ببعض جماعته، وأرادوا قتله فبلغه، فأخرج إليهم جماعة من المماليك، فأرادوا الوقوع بهم، فخرج إليهم قاضي المالكية ابن يوسف، وجماعة من الأعيان، فأسمعوهم القبيح وهموا بالوقوع بهم ثم وقعوا ببعض المماليك، ثم علت كلمة الزعر والعوام، وطمعوا في النائب، فأرسل إليهم نائب القلعة يخفضهم، فلم يلتفتوا إليه، وقالوا: لم نرجع عنه إلا أن يدفع إلينا الأستادار عبد العزيز، وابن الفقهاعي، وأخا جوهر نقيب المحتسب؛ وباتوا على ذلك، وكان جان بلاط أخو النائب غائبا في نهب بعض البلاد، فبلغه الخبر، فأتى ليلاً وأراد الانتقام، فبلغه علوّ كلمة الزعر والعوام، وأنهم قتلوا جماعة من المماليك، وأصبحوا يوم الجمعة وقد اجتمعوا بالعدد، ثم لم يصلّ غالبهم الجمعة، وطلبوا شر الترك، ودربوا الحارات ورجعوا على الترك، فلبسوا وخرجوا إليهم، فوقع الطعن بينهم، إلى أن جرح من الترك جماعات، وقتل كثير منهم.

ثم في يوم السبت اجتمعوا أيضاً، فتبيّن خوف النائب منهم، وظهر عجزه، فخرج أخوه جان بلاط من غربي دمشق، وأتى إلى القبيبات من طريق قينية، وظنّ خلوّها، وأنهم حاضرون الوقعة، وأنه ينهبها، فخرج إليه جماعات منها وأرادوا قبضه، فهرب، وقد زاد شرّ العوام من كثرة ما حصل عليهم من الظلم، فأرادوا الهجم على النائب وعلى أخيه، ففرّق الليل بينهم؛ فأرسل النائب إليهم جماعة، منهم نائب القلعة، والحجّاب الثلاثة، والقضاة الأربعة، وشيخ الإسلام تقي الدين، إلى مصلّى العيدين، فاجتمعوا بأكابرهم وأجابوهم إلى ما سألوا من ترك المشاهرة، والرمي على المساكين، وترك الظلم، وقتل البلاصية، فرضوا بذلك، ثم ركبوا من المصلّى، ووقع حينئذٍ بعض العوام ببعض البلاصية، فقتله وحرقه، وعلت شوكتهم.

<<  <   >  >>