للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الخليل، فكسر رؤوس الأصنام والتماثيل. وفدي بها إسماعيل، بأمر الملك الجليل، ورقى بها لوط إلى مقام ليس بعده هبوط، وكان بها إسحاق، قائماً إلى يوم التلاق، ونهض بأسبابها يعقوب، وكشف بها ضر أيوب.

سلك بها يوسف الصديق أكرم طريق، ودام له بها التوفيق. وانقاد ذو الكفل إلى رتبتها العلياء، وقام بأمورها المرضية الحسناء. وحاز قصباتها شعيب، فنزه عن كل ريب وعيب، رفل لها موسى إرفالاً، وأجاب هارون فأحسن مقالاً، شرف بها أهل الكهف والرقيم، ففازوا بدار النعيم. عمر بها قلب داود، ولذ له بها الركوع والسجود. وورثها منه سليمان، وسخر له بها الإنس والجان. وصحت ليونس شروطها، فوفى. وورد بها زكريا مورد الصفا. وصدق بها يحيى فنجا من الغم، وعظم بها لما هم، فما اهتم، وبالألم ما ألم. وجلا بها العسعس عيسى بالنور الصريح، ولقب بها الروح والمسيح. وفتح الله بها لمحمد صلى الله عليه وآله فتحاً مبيناً، فجعل عليها أخاه وابن عمه أمير المؤمنين علياً أميناً.

اللهم فوفقنا للقيام بحقوق هذه الصحبة، وأعد علينا بركات هذه النسبة، واجعلنا من أهل هذه الحقائق، واسلكنا بها أحمد الطرائق، فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً. ولا يشرك بعبادة ربه أحداً، والحمد لله على نعمه أبداً، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم الذي لم يتخذ ولداً، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل، وكبره تكبيراً.

والحمد لله الذي أبدى آثار فضله على خواص عباده، فهداهم إلى موافقته، وبعدهم عن مخالفته، فأخبر عن أحوالهم في مقامهم، بما زين به خليله صلى الله عليه وسلم،

<<  <   >  >>