للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[وقد روى عبد الجبار عن أمه أم يحيى عن أبيه]

٨١٨- أخبرنا أبو علي الحداد، ثنا أبو نعيم الحافظ، ثنا أبو بكر الطلحي وسليمان ⦗٤١٥⦘ بن أحمد، (ح) وأخبرنا أبو غالب الكوشيذي وأبو عدنان محمد بن أحمد البجيري، والهيثم بن محمد بن الهيثم، وأم الرجاء بنت علي الواعظة رحمهم الله، والسياق لها ولأبي غالب، قالوا: أنا أبو بكر محمد بن عبد الله الضبي، ثنا أبو القاسم الطبراني قالا: ثنا أبو هند يحيى بن عبد الله بن حجر بن عبد الجبار بن وائل بن حجر الحضرمي بالكوفة، حدثني عمي محمد بن حجر، حدثني عمي سعيد بن عبد الجبار، عن أبيه عبد الجبار بن وائل، عن أمه أم يحيى، عن وائل بن حجر -رضي الله عنه- قال: لما بلغنا ظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجت وافداً عن قومي حتى قدمت المدينة، فلقيت أصحابه قبل لقائه فقالوا: قد بشرنا بك رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل أن تقدم بثلاثة أيام، فقال: ((قد جاءكم وائل بن حجر)) ، ثم لقيته صلى الله عليه وسلم، فرحب بي وأدنى مجلسي وبسط لي رداءه وأجلسني عليه، ثم دعا في الناس فاجتمعوا إليه، ثم اطلع المنبر وأطلعني معه، وأنا من دونه ثم حمد الله تعالى وقال: ((يا أيها الناس! هذا وائل بن حجر قد أتاكم من بلاد بعيدة من بلاد حضرموت طائعاً غير مكره بقية أبناء الملوك، بارك الله فيك يا وائل وفي ولدك [وفي ولد ولدك] )) ، ثم نزل وأنزلني معه وأنزلني منزلاً شاسعاً عن المدينة وأمر معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما- أن ينزلني إياه، فخرجت وخرج معي حتى أدركنا ببعض الطريق، قال: يا وائل إن الرمضاء قد أصابت باطن قدمي فأردفني خلفك، قلت: ما أضن عنك بهذه الناقة ولكن لست من أرداف الملوك وأكره أن أعير بك، قال: فألق إلي حذاءك أتوقى به من حر الشمس، قلت: ما أضن عنك بهاتين الجلدتين، ولكن لست ممن يلبس لباس الملوك وأكره أن أعير بك، فلما أردت الرجوع إلى قومي أمر لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتب ثلاثة منها كتاب لي خالص ففضلني فيه على قومي، وكتاب لي ولأهل بيتي بأموالنا هنالك، وكتاب لي ولقومي.

في كتابي الخالص: ((بسم الله من محمد رسول الله إلى المهاجر بن أبي أمية [إن] وائلاً يستسعى ويترفل على الأقوال حيث كانوا من حضرموت)) . وفي كتابي الذي لي ولأهل بيتي: ((بسم الله الرحمن (الرحيم) من محمد رسول الله إلى المهاجر بن أبي أمية لأبناء معشر وأبناء ضمعاج أقوال شنؤه بما كان لهم فيها من ملك ومن أرض وعمران وبحر وملح أو محجة أو محجر، وما كان من مال أترثوه بما بعث، وما لهم فيها من مال بحضرموت أعلاها وأسفلها مني بالذمة والجوار، الله عز وجل لهم حيال والمؤمنون على ⦗٤١٦⦘ ذلك أنصار)) . وفي الكتاب الذي لي ولقومي: ((بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى وائل بن حجر والأقوال العباهلة من حضرموت بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة من الصرمة التيمة ولصاحبها البيعة لا جلب ولا جنب ولا شغار ولا وراط في الإسلام، لكل عشرة من السرايا ما يحمل القراب من التمر من أحيى فقد أربى وكل مسكر حرام)) . فلما ملك معاوية -رضي الله عنه- بعث رجلاً من قريش يقال له: بسر بن أبي أرطأة فقال له: قد ضممت إليك الناحية، فاخرج بجيشك فإذا أخلفت أفواه الشام فضع سيفك فاقتل من أبى بيعتي [حتى تصير إلى المدينة، ثم ادخل المدينة فاقتل من أبى بيعتي، ثم اخرج إلى حضرموت فاقتل من أبى بيعتي] ، ثم ادخل حضرموت فاقتل من أبى بيعتي وإن أصبت وائل بن حجر حياً فائتني به، ففعل وأصاب وائلاً حياً، فجاء به إليه، فأمر معاوية -رضي الله عنه- أن يتلقى وأذن له، فأجلس معه على سريره، فقال له معاوية -رضي الله عنه-: أسريري هذا أفضل أم ظهر ناقتك، قلت: يا أمير المؤمنين كنت حديث عهد بجاهلية وكفر، وكانت تلك سيرة الجاهلية، وقد أتانا الله اليوم بالإسلام فسيره الإسلام ما فعلت، قال: فما منعك من نصرنا، وقد اتخذك عثمان -رضي الله عنه- ثقة وصهراً، قلت: إنك قاتلت رجلاً هو أحق بعثمان منك، قال: وكيف يكون أحق بعثمان مني وأنا أقرب إلى عثمان في النسب؟ قال: قلت: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان آخى بين علي وعثمان -رضي الله عنهما-، فالأخ أولى من ابن العم، ولست أقاتل المهاجرين، قال: أولسنا مهاجرين؟ قلت: أوليس قد اعتزلناكما جميعاً، وحجة أخرى: حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رفع رأسه نحو المشرق وقد حضره جمع كثير، ثم رد إليه بصره، فقال: ((أتتكم الفتن كقطع الليل المظلم)) ، فشدد أمرها وعجله وقبحه، فقلت له -من بين القوم-: يا رسول الله، وما الفتن؟ قال: ((يا وائل إذا اختلف سيفان في الإسلام فاعتزلهما)) فقال: أصبحت شيعياً؟ فقلت: لا، ولكن أصبحت ناصحاً للمسلمين، فقال معاوية -رضي الله عنه-: لو سمعت ذا وعلمته ما أقدمتك؟ قلت: أوليس قد رأيت ما صنع محمد بن مسلمة عند مقتل عثمان -رضي الله عنه-، انتهى بسيفه إلى صخرة فضربه بها حتى انكسر، فقال: أؤلئك قوم يحملون علينا؟ فقلت: فكيف تصنع بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أحب الأنصار فبحبي، ومن أبغض الأنصار فببغضي)) ، فقال اختر أي البلاد شئت فإنك لست براجع إلى حضرموت؟ فقلت: عشيرتي بالشام، وأهل ⦗٤١٧⦘ بيتي بالكوفة، فقال: رجل من أهل بيتك خير من عشرة من عشيرتك، فقلت: ما رجعت إلى حضرموت سروراً بها، وما ينبغي للمهاجر أن يرجع إلى الموضع الذي هاجر منه إلا من علة، قال: وما علتك؟، قلت: قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتن: فحيث اختلفتم اعتزلناكم وحيث اجتمعتم جئناكم فهذه العلة، فقال: إني قد وليتك الكوفة فسر إليها، فقلت: ما ألي بعد النبي صلى الله عليه وسلم لأحد، ما رأيت أبا بكر قد أرادني فأبيت، وأرادني عمر -رضي الله عنه- فأبيت، وأرادني عثمان -رضي الله عنه- فأبيت، ولم أدع بيعتهم. قد جاءني كتاب أبي بكر -رضي الله عنه- حيث ارتد أهل ناحيتنا، فقمت فيهم حتى ردهم الله عز وجل إلى الإسلام بغير ولاية.

فدعا عبد الرحمن بن أم الحكم فقال له: سر قد وليتك الكوفة، وسر بوائل بن حجر فأكرمه واقض حوائجه، فقال: يا أمير المؤمنين أسأت بي الظن؛ تأمرني بإكرام رجل قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرمه وأبا بكر وعمر وعثمان -رضي الله عنهم- وأنت، فسر معاوية -رضي الله عنه- ذلك منه، فقدمت معه الكوفة، فلم يلبث أن مات.

(ح) قال محمد بن حجر: الوراط: القمار. والأقوال: الملوك. والعباهل: العظماء.

هذا حديث لا يعرف إلا بأهل بيت وائل، رواه عنهم الناس باختلاف الألفاظ وتفاوت الروايات، وقع لنا عالياً من هذا الوجه، وسنشرحه إن شاء الله بعد جمعنا الروايات فيه.

آخر المجلس وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

<<  <   >  >>