للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث العاشر: في سرية خالد بن الوليد إلى بني جذيمة

١٦٠- قال البخاري: حدثني محمود، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، (ح) وحدثني نعيم، أخبرنا عبد الله، أخبرنا معمر عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: بعث١ النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني جَذِيمة٢، فدعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا٣، فجعلوا يقولون: صبأنا،


١ هذا البعث كان عقب فتح مكة في شوال قبل الخروج إلى حنين عند جميع أهل المغازي، وكانوا بأسفل مكة من ناحية يلملم، فتح الباري (٨/ ٥٧) .
وكان عددهم ثلاثمائة وخمسين من المهاجرين وبني سليم. ابن سعد (٢/ ١٤٧) .
٢ إلى بني جذيمة: - بفتح الجيم وكسر المعجمة ثم تحتانية ساكنة -، أي ابن عامر ابن عبد مناة بن كنانة، فتح الباري (٨/ ٥٧) .
قال الحافظ: "ووهم الكرماني فظن أنه من بني جذيمة بن عوف بن بكر بن عوف، قبيلة من عبد قيس". الفتح (٨/ ٥٧) .
٣ قوله: "فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا ... " قال الحافظ: "هذا من ابن عمر راوي الحديث، يدلّ على أنه فهم أنهم أرادوا الإسلام حقيقة، ويؤيد فهمه أن قريشاً كانوا يقولون لكل من أسلم صبأ، حتى اشتهرت هذه اللفظة، وصاروا يطلقونها في مقام الذم، ومن ثم لما أسلم ثمامة بن أثال وقدم مكة معتمراً، قالوا له: صبأت؟ قال: بل أسلمت، فلما اشتهرت هذه اللفظة بينهم في موضع أسلمت استعملها هؤلاء، وأما خالد فحمل هذه اللفظة على ظاهرها، لأن قولهم: صبأنا، أي خرجنا من دين إلى دين، ولم يكتف خالد بذلك حتى يصرحوا بالإسلام. أ.هـ. الفتح (٨/ ٥٧) .
وقال الحافظ: "قال الخطابي: يحتمل أن يكون خالد نقم عليهم العدول عن لفظ الإسلام، لأنه فهم عنهم أن ذلك وقع منهم على سبيل الأنفة، ولما ينقادوا إلى الدين فقتلهم متأولاً قولهم". المصدر السابق.
وأما ما ذكره ابن إسحاق (ابن هشام ٢/ ٤٣١) والواقدي في المغازي (٣/ ٨٧٦- ٨٨٢) ، من أن خالداً إنما فعل ذلك إدراكاً لثأر قديم مع بني جذيمة، فلا يصح، لأن ابن إسحاق ذكر ذلك بدون إسناد، والواقدي متروك، ولا يؤخذ بقوله في مجال الأحكام الشرعية.

<<  <  ج: ص:  >  >>