للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[هل توجد علاقة بين الفراعنة والهكسوس]

[السُّؤَالُ]

ـ[هذه الآية التي يمر عليها جميع المسلمين مرور الكرام دون التوقف عندها ومحاولة اكتشاف الحقيقة التي حيرت وما تزال تحير كل المؤرخين في مصر والبلاد العربية ـ بل والعالم أجمع ـ إنها آية واحدة لم ينتبه إليها أحد من كبار المفسرين والمشايخ، رغم أن مدلولها واضح وضوح الشمس: سبحان الله القادر على كل شيء، لقد احتار المؤرخون في تحديد هوية فرعون وقومه، فالشائع هو أنه أحد ملوك مصر في الدولة الوسطى وأنه مصري، وأن فرعون هو لقب لملوك مصر اعتادوا عليه، وكل ذلك في أذهاننا، ولكن كل هذا غير صحيح أبدا كيف؟ حسنا، لنفتح جميعا القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل أبدا، ونقرأ في سورة غافر من الآيات: ٢٨ إلى ٣١ بسم الله الرحمن الرحيم ـ وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّي اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ٢٨ يَا قَوْمِ لَكُمْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ فَمَنْ يَنصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَاّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَاّ سَبِيلَ الرَّشَادِ ٢٩ وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ ٣٠ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبَادِ٣١ـ صدق الله العظيم. إن هذه الآيات هي رجاء من رجل مؤمن من آل فرعون يرجو قومه ويدعوهم للإيمان بالله ويحذرهم من عذاب الله، ولكن إخوتي الكرام، تأملوا معي جيدا الآية رقم: ٣١ حيث مؤمن آل فرعون يحذر قومه إن لم يؤمنوا بالله فسيصيبهم: مثل الذي أصاب قوم نوح وعاد وثمود وكذلك الأقوام من بعدهم من عذاب الله، وهنا مربط الفرس؛ لأن معنى هذا أن قوم فرعون على علم ودراية ومعرفه تامة ودقيقه بكل الأحداث التي حدثت لأقوام عاشت في شبه الجزيرة العربية: مثل قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم ممن عاش ومات في شبه جزيرة العرب، فكيف بالله يكون هؤلاء جميعا مصريين وعلى علم ودراية بكل أحداث شبه الجزيرة العربية، بل وتوارثوا معرفة تاريخ أقوام شبه الجزيرة العربية، إن لم يكونوا هم وفرعونهم وهامانهم جميعا من شبه جزيرة العرب؟ ونحن لم نعثر على ـ بردية أو خرطوشة ـ مصرية عليها اسم أو رسم أي حدث من تلك التي حدثت لأقوام نوح وعاد وثمود، إن تلك الآية الكريمة رقم: ٣١، من سورة غافر توضح بجلاء: أن فرعون وقومه من شبه الجزيرة العربية، وهم تحديدا ما أطلق عليهم المؤرخون اسم ـ الهكسوس ـ واحتلوا شمال مصر وأغرقهم الله في اليم بل وطمس على أي أثر لهم، واختفوا من مصر إلى الأبد، نعم إنها كانت نهاية ـ الهكسوس ـ من مصر.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن التحقيق في هذا الأمر لا يترتب عليه شيء، وجهله لا يضر، وعلمه لا ينفع.

ثم إن الجزيرة العربية قريبة في المسافة من مصر، وقد كان أهل الجزيرة يمتهنون التجارة ويسافرون لأجلها خارج الجزيرة. فلا يبعد أن يكون أهل مصر سمعوا عن أخبار الأمم السابقة عن طريق مخالطتهم لأهل الجزيرة.

ولا يبعد كذلك أن يكون مؤمن آل فرعون قد أخذ أخبار الأمم الماضية من موسى عليه الصلاة والسلام.

وأما ـ الهكسوس ـ فقد ذكر بعض المؤرخين أنهم عرب، وليس عندنا ما يثبت ذلك أو ينفيه والأمر لا يحتاج للتكلف في تحقيقه.

وعلينا جميعا أن نهتم بما تحتاجه أمتنا من العلوم الشرعية المتعلقة بإيمانها وعباداتها وأحكامها الشرعية.

وشكرا لك على اتصالك بنا، وعلى اهتمامك بالقرآن، وجزاك الله خيرا.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٧ شعبان ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>