للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الإحسان إلى أم الزوج من إكرامه وحسن عشرته]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا مقيمة في بلد غير بلدي، ومرتاحة ولله الحمد، ولكن أم زوجي تريد أن تأتي ل زيارتنا لمدة ٦ أو ٧ شهور، وأنا لا أريدها، لأنها راعية مشاكل وستقلب حياتي إلى جحيم، وأنا لا أملك رأيا أمام زوجي يعني الكلمة كلمته. فهل يجوز أن أدعو الله أن يصرفها عن المجيء إلينا أم لا؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك. رواه أحمد وأبو داود. وصححه الألباني.

قال العظيم آبادي: أَيْ الْجَامِعَة لِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، وَهِيَ مَا كَانَ لَفْظه قَلِيلًا وَمَعْنَاهُ كَثِيرًا، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وَقِنَا عَذَاب النَّار. وَمِثْل الدُّعَاء بِالْعَافِيَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة.

وَقَالَ عَلِيّ الْقَارِيّ: وَهِيَ الَّتِي تَجْمَعُ الْأَغْرَاض الصَّالِحَة، أَوْ تَجْمَعُ الثَّنَاء عَلَى اللَّه تَعَالَى وَآدَاب الْمَسْأَلَة. وَيَدَعُ مَا سِوَى ذَلِكَ: أَيْ مِمَّا لَا يَكُونُ جَامِعًا بِأَنْ يَكُونَ خَالِصًا بِطَلَبِ أُمُورٍ جُزْئِيَّةٍ: كَارْزُقْنِي زَوْجَةً حَسَنَةً, فَإِنَّ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى مِنْهُ اُرْزُقْنِي الرَّاحَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَإِنَّهُ يَعُمُّهَا وَغَيْرهَا. اهـ.

ومن ذلك ما رواه ابن عمر قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي. رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد وصححه الألباني.

فهذا الدعاء وأمثاله من الأدعية النبوية الكريمة أفضل وأجمع وأنفع من الدعاء الخاص أن يصرف الله عنك أم زوجك. لو سلمنا أن مجيئها شر بالفعل.

ثم نوصيك خيرا بزوجك وأمه لو حصل أن أتتكم، فقد يجعل الله في مجيئها خيرا لك وأنت لا تعلمين، كما قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. {البقرة: ٢١٦} . وقال سبحانه: فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً. {النساء: ١٩} .

فأحسني معاملتها وتوددي إليها واصبري عليها، ولن يخيب الله سعيك ولن يضيع أجرك، وقد ينقلب ما يتوقع من ضررها سلامة وعافية، قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ. {يوسف: ٩٠} . وقال سبحانه: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ. {فصلت:٣٤} . ولا تنسي أن إقامتها عندكم ليست دائما، وإنما هي فترة محدودة، فاحتسبي هذه الفترة لوجه الله تعالى عسى أن يكون ذلك من أثقل ما يكون في ميزان حسناتك يوم القيامة. وراجعي للأهمية الفتوى رقم: ٧٧٣٩٠.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢١ رجب ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>