للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[هل تجب النفقة على الوالدين مع كونهما غير محتاجين]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا شاب في الثلاثين من العمر، أنفق علي أهلي في تربيتي ودراستي حتى تخرجت من الجامعة والحمد لله. ثم سافرت طلبا للرزق ووفقني الله للعمل وتزوجت من مالي الخاص، وقدمت لأهلي بعض المال لمعونتهم. والسؤال هو: هل إنفاقي على أهلي واجب علي إن كانوا بحاجة أولا؟ وبماذا أبرر لهم امتناعي إن طلبوا مني وخاصة أمي، مع العلم أنهم يشترون بالمال الذي لديهم عقارات وأراضي، وخاصة بعد زواجي إذ زادت حاجتي للمال لتأمين السكن الخاص والمصروف لزوجتي وابني, وهل لي أن أطالبهم بتكاليف الزواج حيث العادة عندنا أن الأهل يزوجون أبناءهم، وقد قام أهلي بتزويج أخواي من قبل على نفقتهم وذلك لمبدإ العدل بين الأبناء؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما نفقة الأولاد الموسرين على أبيهم وأمهم الفقيرين فإنها واجبة بإجماع أهل العلم , وراجع في ذلك الفتوى رقم: ١١٥٦٧٨.

أما إذا كان الوالدان موسرين فإنه لا يجب على ولدهما أن يبذل لهما شيئا من المال إلا ما كان على سبيل الندب والاستحباب تطييبا لخاطرهما خصوصا إذا علم تعلق قلوبهما بشيء من هذا, وقد بينا هذا في الفتوى رقم: ١١١١١٠.

والظاهر من سؤالك عدم حاجة والديك بدليل أنهما زوجا إخوتك من مالهما, غاية الأمر أنهما يستغلان ثروتهما في تملك العقارات وهذا لا يخرجهما عن وصف الغنى.

ولكن ينبغي أن تعتذر لهم بغاية من اللطف واللين بأن تخبرهم بحاجتك لهذا المال, ولا حرج عليك في استعمال التورية والمعاريض بحيث تخبرهم أنك لا تملك إلا ما يكفي حاجتك أو دونها.

أما تزويج والدك لك فلم يجب عليه لأنك موسر قادر على تزويج نفسك، وإنما يجب على الوالد أن يزوج ابنه في حال فقر الابن وعدم قدرته على تزويج نفسه عند من يقول بذلك من أهل العلم.

أما تزويجه لإخوتك فينظر فيه، فإن كان إخوتك في ذلك الوقت فقراء لا يقدرون على تزويج أنفسهم فقد وجب ذلك على الأب، فليس لك أن تطالبه بمالك الذي زوجت به نفسك لأنك غني وهم فقراء، والتفضيل المنهي عنه بين الأولاد هو ما كان على وجه التفضيل المحض، أما التفضيل الذي له سبب فإنه غير منهي عنه, كما بيناه في الفتوى رقم: ٦٤٥٥٠.

أما إن كان والدك أو والدتك أو هما معا قد زوجا إخوتك مع استغناء الإخوة فلك حينئذ أن تطالبهما بمثل ما أعطياهم ليس من باب وجوب تزويجهما لك ولكن من باب العدل بينكم، فإن أجابوك وإلا ففوض أمرك لله ولا يحملك هذا ولا غيره على ترك برهم وطاعتهم في المعروف والإحسان إليهم.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٦ جمادي الثانية ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>