للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الاجتهاد في بر الأب في حياته وبعد مماته]

[السُّؤَالُ]

ـ[توفي والد زوجي فجأة بعد عودته من سفره بشهر ونصف، وأثناءها كان زوجي يزوره كل يوم بعد عمله ساعة أو اثنتين لمواعيد عمل زوجي المتأخرة، ولكن في يومي الإجازة كان لا ينزل من المنزل، لأننا نسكن في الدور الـ ١٢ ولا يوجد مصعد، فكان يرتاح فيهم في البيت، وكان يحدثه في الهاتف. والدة زوجي وأخته تقولان إنه لم يكن راضيا عنه قبل وفاته، لأنه كان لا يزوره وتعايرانه بذلك مع أن زوجي يحب والديه جدا، ويحاول ألا يغضبهما أبدا، ولا حتى بكلمة، ولذلك هو حزين ومتخوف من غضب الله، فهل هو كان مقصرا في حق والده أمام الله، وعليه ذنب وكيف يكفره؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنّ برّ الوالدين من أوجب الواجبات، ومن أعظم القربات ومن أهم أسباب رضا الله، كما أن عقوقهما، من أعظم الذنوب ومن أهم أسباب سخط الله.

أما عن سؤالك، فما ذكرت عن زوجك ليس فيه ما يدل على تقصيره في حقّ والده، بل الظاهر من ذلك أنّه كان حريصاً على برّه، وعلى ذلك فلا يضرّه ما يقال عن تقصيره في حقّ والده، وعلى فرض أنّه قصّر في بعض الأمور فإنّ ذلك مظنة العفو من الله، قال تعالى: رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا {الإسراء: ٢٥}

قال القرطبي: وقال ابن جبير: يريد البادرة التي تبدر كالفلتة والزلة تكون من الرجل إلى أبويه أو أحدهما لا يريد بذلك بأسا قال الله تعالى: إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ أي صادقين في نية البر بالوالدين فإن الله يغفر البادرة وقوله: فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا وعد بالغفران مع شرط الصلاح والأوبة بعد الأوبة. الجامع لأحكام القرآن.

كما أنّ الإنسان يمكنه أن يستدرك ما فاته من برّ والديه بعد موتهما، وذلك بالدعاء لهما والصدقة عنهما وصلة الرحم وإكرام أصدقائهما.

وينبغي لزوجك أن يجتهد في برّ أمّه، فإنّها أحقّ الناس بحسن صحبته، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ أُمُّكَ. قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ. قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ. قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أَبُوكَ. متفق عليه.

وللفائدة راجعي الفتوى رقم: ١٢٠٠٥٨.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٣ جمادي الثانية ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>