للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[بر الوالدين من أجل الطاعات]

[السُّؤَالُ]

ـ[في البداية لكم مني كل تحية واحترام وبارك الله فيكم على هذا العمل الطيب أسأل الله أن يرزقكم الفردوس الأعلى إن شاء الله....

أنا امرأة متزوجة وربنا رزقنا بطفلين ولله الحمد وأعمل وأساعد زوجي، وزوجي رجل طيب جداَ ويعرف ربنا على حق والحمد لله نحن متفقون في كل شيء، المشكلة في والدته ربنا يهديها متشددة جداَ وتريد أن تعرف كل التفاصيل عن حياتنا وتطلب أشياء كثيرة من زوجي وعندما يوافق نفاجأ بأنها أخذت أكثر من المتفق عليه وكل ما أناقش زوجي في الموضوع يقول إنه يعلم إن ذلك كثير ولكن لا توجد مشكلة لا تنس أن ربنا أمرنا ببر الوالدين. وسؤالي: أولا إلى أي مدى يكون بر الوالدين؟ وإذا طلب مني شيئا وهو في استطاعتنا ولكن نحن عندنا أولويات وهي تجهيز شقتنا والأثاث، نحن تزوجنا بدون شقة أو أثاث لأننا مسفرون وكل عام ننزل عند أهل زوجي وتحصل مشاكل كثيرة وصلت لحد طردي من المنزل والموضوع كان مفهوما بشكل خطأ، عند توضيح الأمر من قبل زوجي قالوا بلغ زوجتك بالرجوع مرة ثانية طبعا بدون اعتذار لي أو شيء.

الحمد لله نحن اشترينا الشقة وباق علينا أقساط ولكن يتبقى شيء من الراتب اتفقنا على توفيره من أجل الحج إن شاء الله، وإذا ما كان فيه نصيب سنشطب به الشقة فهل ذلك أولا أم نحضر عقد سفر لأخي زوجي سيكلف علينا ٥ألف دولار وبعد مجيئه إلى البلد نشتري له سيارة يعمل عليها ب ٥ ألف دولار أيضا علماَ بأن أي مبالغ يحصل عليها لا ترجع مرة ثانية لأن والده قبل ذلك طلب منه شراء قطعة أرض زراعية واتفق مع والده أن تكون الأرض باسم زوجي وعمل له توكيلا على ذلك وللأسف بعد ذلك بصدفة عرفنا أن الأرض باسم ولده ووعدنا بأنه سيرجعها لنا وللحين لم يرجعوا لأي شيء، نحن لا نسألهم على إيجاره أو محصولها يستفيدون هم منه ولكن نريد أن تكون باسم زوجي لأن زوجي ليس لديه عمل ثابت أو مشروع في بلده وهم يدرون كل هذا وأشعر أنهم متحاملون عليه ولست أدري ماذا أفعل حتى لا أكون الزوجة التي تحرض زوجها على أهله ولا أريد أن يضيع حقي وحق أولادي،أريد أن نعينهم ولكن يقدر استطاعتنا مع أنهم هم الذي يحددون المبلغ الذي يريدونه ومع وبعد موافقة زوجي على الأمر نجد أنهم أخذوا أكثر وهم يعلمون أن زوجي لا يعترض على شيء، أريد حفظ حق أطفالي فقط دون الاعتداء على حقوقهم كوالديه وأخواته لأن الزمن أصبح صعبا والله يعينا ويعنكم، فما أدري كيف أرجوكم ساعدوني؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنشكرك على إعجابك بموقعنا ودخولك عليه واستفادتك منه، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك على خدمة دينه.

ولا يخفى عليك أن بر الوالدين من أعظم القربات وأجل الطاعات، ولا يمكن أن نحده بحد معين، فمهما أمكن المرء بر والديه بما لا يترتب عليه منه ضرر ولا معصية فليفعل، فينبغي أن تكوني عونا لزوجك في البر بأمه، وعليك بالصبر على ما قد يصدر منها تجاهكم من أذى، وينبغي لزوجك أن يجتهد في دفع أذى أمه عنك على وجه لا يترتب عليه العقوق بأمه.

ولا يلزمه أن يستجيب لأمه فيما تطلب من مال لا تحتاج إليه، أو كان يلحقه منه مشقة كبيرة، وعليه في مثل هذه الحالة ملاطفة أمه ومداراتها بحيث يدفع لها من المال ما يرضيها ولا يلحقه منه ضرر، وراجعي الفتوى رقم: ٣١٠٩.

ولا يلزم زوجك أيضا أن يشتري لأخيه هذا العقد، وإذا أراد أن يحسن إليه فيصل بذلك رحما فهو أمر حسن، ويمكنه أن يدفع له هذا المال على سبيل القرض، ويكتب بذلك كتابا ويشهد عليه.

وأما بخصوص الحج فإذا كانت هذه الحجة حجة تطوع فيمكن أن يقدم عليها شراء هذا العقد، وكذا إن كانت حجة الإسلام وملكتم هذا المال بعد موسم الحج، وأما إن ملكتم هذا المال قبل موسم الحج فتقدم حجة الإسلام على شراء العقد، ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: ١٠٩٥٧٠.

ومن الأمر الطيب أن يحاول الإنسان أن يخطط لمستقبل أولاده ويدخر لهم ما قد يحتاجون إليه من مال كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه: إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس. متفق عليه.

ولكن لا ينبغي أن يكون هذا الأمر هاجسا يزعج صاحبه، فإن الله تعالى الذي خلق هؤلاء الأولاد لن يضيعهم، فقد تكفل سبحانه برزق خلقه فقال: وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {العنكبوت:٦٠} .

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٣ ربيع الأول ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>