للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[انصحي أمك بالإقلال من الخروج من البيت]

[السُّؤَالُ]

ـ[أريد مساعدتي معرفة ما يجب عليه فعله، أنا أم ولدي أبناء، أقوم بخدمتهم وخدمة زوجي. لدي أم في بيتها ولديها خادمة، وأخي كذلك يعيش معها علماُ باني أقوم بخدمتها وتلبية حاجاتها إلا أنها تكثر من الكلام وتريد الخروج دائما بالسيارة؛ لكي تتفرج وهي تحس بضيق دائماُ ووحدة، وأحدثها يا أمي الخروج من البيت للضرورة، وهي تقول التفسح بالسيارة ليس بعيب. وأنا عكس ذلك. وهي كثيرة التحجج. أفيدوني يرعاكم الله ماهي واجباتي؟ وهل ألبي طلبها بالخروج في معظم الوقت؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأصل أن المرأة مأمورة بالقرار في بيتها، فلا يكون خروجها إلا لضرورة أو حاجة، لقوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ {الأحزاب: ٣٣} . قال القرطبي رحمه الله: معنى هذه الآية الأمر بلزوم البيت، وإن كان الخطاب لنساء النبي، فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى، هذا لو لم يرد دليل يخص جميع النساء، كيف والشريعة مليئة بالنصوص التي تأمر بلزوم النساء بيوتهن، والانكفاف عن الخروج منها إلا لضرورة على ما تقدم في غير موضع. انتهى.

فعليك أن تنصحي أمك بالإقلال من الخروج من البيت، وأن تذكريها بنعمة الله عليها في الفراغ لتقوم بشكر هذه النعمة، فتستغل أوقاتها فيما خلقنا له من عبادة الله وطاعته، فإن الإنسان مسئول عن ذلك أمام الله، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه، وعن علمه ما فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه. أخرجه الترمذي وصححه الألباني. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس؛ الصحة والفراغ. رواه البخاري وغيره.

فمن أنعم الله عليه بنعمة الفراغ عليه أن يستغلها في طاعة الله والقيام بأوامره والإكثار من ذكره وشكره، قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا {الفرقان: ٦٢}

ومع هذا فلا مانع إن هي أحست في بعض الأوقات بشيء من الملل والضيق أن تجيبيها إلى ما تطلبه منك من الخروج معها للنزهة والترفيه، بشرط أن ينضبط هذا الخروج بالضوابط الشرعية من التزام الحجاب وترك الاختلاط والزينة وغير ذلك، ولا بد وأن يكون ذلك بإذن زوجك وعلمه، وألا يؤدي اشتغالك بأمك إلى الإخلال بحقوقه.

وفي النهاية نذكرك بالصبر على أمك والإحسان إليها والقيام بمصالحها قدر الوسع والطاقة، فإنها وصية الله ورسوله.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١١ ربيع الأول ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>