للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[يحمل الكلام الصادر على أحسن المحامل]

[السُّؤَالُ]

ـ[ذات يوم كنت أتناقش مع أمي حول أحد الأحكام الشرعية المذكورة في القرآن ولكن أمي لم يعجبها الأمر أي أنها قالت: (إن هذا الحكم غير صحيح) فأردت أن أقيم عليها الحجة فقلت لها: هل الله يكذب؟ فقالت لي: لا. فقلت لها إن هذا الحكم موجود في القرآن وانتهى الأمر.

سؤالي: هو حول قولي: هل الله يكذب؟ هل هذا سوء أدب مع الله لأني شعرت بذلك، وهل أنا آثم؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا شك أن من تقوى الله تعالى ومن الخير للمسلم عند ربه أن يعظم حرمات الله تعالى وشعائره، فقد قال تعالى: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ {الحج:٣٠} .

والظاهر من الحوار الذي دار بينك وبين أمك احترام كتاب الله من جهتك، وأن سؤالك الموجه إليها كان على سبيل الاستبعاد والاستنكار، ولذلك فنرجو ألا يكون فيما قلت بأس وكان ينبغي أن يكون النقاش مع أمك بأسلوب لين يحبب إليها أحكام القرآن وما جاء فيه ويجعلها تتقبله بإعجاب.

جاء في صحيح البخاري عن علي رضي الله عنه موقوفا: حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب الله ورسوله. ونحوه في مسلم عن ابن مسعود قال: ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة.

وتوجيه السؤال لأمك بالأسلوب المذكور ربما يحمل نوعا من الغلظة والشدة عليها وهو ما لا ينبغي، فقد قال تعالى: فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا سورة الإسراء*وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:٢٥،٢٤}

وعدم إعجاب الأم بالحكم الوارد في القرآن الكريم لا ينبغي كذلك لقول الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا {الأحزاب:٣٦} .

ولكنه يحمل ذلك على أحسن المحامل فلعلها لا تقصد الاعتراض على حكم الله.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٧ ذو الحجة ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>