للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[عدم سؤال الإخوة عن أختهم هل يسوغ لها قطعهم]

[السُّؤَالُ]

ـ[نحن ٨ إخوة: ٤ أولاد و٤ بنات وأنا الأصغر فيهم وكلنا متزوجون ومستورون والحمد لله، ولقد توفي والداي رحمهما الله، المشكلة أنني أحس أن إخوتي الذكور وخاصة الأكبر والثاني لا يهتمون بصلة الرحم، ولقد أساؤوا إلي كثيرا ولا يصلونني أبدا لا في أفراح ولا مرض لأنني مررت بظروف حمل صعبة وخطيرة والحمد لله، ومع ذلك لم أقابل السيئة بالسيئة وزرتهم في كل مناسباتهم أنا وزوجي ربي يبارك لي فيه لأنه طيب جدا، أيضا أخواتي البنات وأيضا الكبرى والتي بعدها لا يزرنني إلا في المناسبات ويتحججن بالبعد وأن لدي سيارة ويعني أنا المطالبة بالزيارة تصوروا لم يزرنني منذ ٤ سنوات أي منذ ولادتي بابنتي الثانية ومع ذلك كل نهاية أسبوع أذهب لزيارتهما، وعندما أتغيب لا يكلفون خاطرهم حتى بالسؤال عبر الهاتف أبدا كأنني غير موجودة، وأصبحت أختي الكبري تتضايق بوجودنا خاصة عندما نجتمع عندها بحكم أنها الكبري وفي مقام أمنا رحمها الله، وتتضايق من صغاري كلا بل لا تكلف نفسها عند قدوم وقت والأكل، فكان رمضان هذه السنة حاسما لي في اتخاذ موقف بعدم الذهاب أبدا لأنها قابلتني ببرود رغم غيابي ورغم ذهابي لأقول لها رمضانك مبارك، فحز في نفسي ذلك كثيرا وقررت عدم الذهاب إليهما أبدا حتى في العيد، وأقسم لكم من الأسبوع الأول من رمضان إلى يومنا هذا لم أتلق منهما سؤالا حتى بالهاتف، حتى مجرد اللوم علي، هذا بصورة موجزة، رجاء أفيدوني هل أنا مذنبة بقراري هذا؟ هل أعتبر قاطعة للرحم؟ لأنني أعلم أن الإنسان تبقي أعماله معلقة حتى التصالح؟ فما ذنبي أنا. لأنني حقا ضقت ذرعا منهم. خاصة أمام ابنتي الكبري لا أريد ان تتعلم من هذا الوضع وتصبح لا سمح الله قاطعة للرحم مع أختها لأنها تفهم كل شيء وأنا أحاول أن أربيهاعلى طاعة الله وصلة الرحم.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

ف لقد أمر الله بصلة الرحم ونهى عن قطعها، فعن جبير بن مطعم أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ. رواه البخاري ومسلم.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ الرَّحِمَ شَجْنَةٌ مِنْ الرَّحْمَنِ فَقَالَ اللَّهُ مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ. رواه البخاري ومسلم.

وقد أمرنا الله بصلة الرحم حتى لمن يقطعنا فعن عبد الله بن عمرو عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا. رواه البخاري.

ولم يحدد الشرع لصلة الرحم أسلوباً معيناً أو أوقاتاً محددة، وإنما ذلك يختلف باختلاف أحوال الناس.

أما عن سؤالك، فإن ما يفعله إخوتك من عدم السؤال عنك، هو من القطيعة التي نهى الشرع عنها، لكن ذلك لا يبيح لك قطعهم، كما أن زيارتكم لأختكم مرة كل أسبوع، قد يكون فيه إثقال عليها وعلى زوجها، فينبغي أن تكون الصلة بالقدر الذي لا يتضرر به أحد.

فالذي ننصحك به أن تتوبي إلى الله مما فعلت من هجرهم، وعليك أن تداومي على صلتهم، ابتغاء مرضاة الله، وأبشري ببركة هذا العمل في الدنيا والآخرة، فإن صلة الرحم من أسباب البركة في الرزق والعمر، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ. رواه البخاري ومسلم.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٦ ذو الحجة ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>