للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[لا يصل خالته لتقصيرها في أمر ابنتها بترك التبرج]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا شاب لي خالة تسمح لابنتها بوضع المكياج ولبس البنطلون ولقد حذرت خالتي من أن تفعل ذلك لابنتها وأن تمنعها من وضع المكياج وأن تلبس لبسا محتشما ولكن خالتي توافقني الرأي وما أن أغيب عنهم لدواعي السفر وأزورهم أجد كل شيء كما كان وللعلم فإن بنت خالتي الشابة تسمع كلامي وكلام أخواتها بخصوص الاحتشام والمكياج ولكن بما أنني غير موجود معهم دائما وكذلك إخوتها المتزوجون فإن الأمور ترجع كما كانت. ومنذ فترة لاحظت أن بنت خالتي قد انصلح حالها بناء على متابعة من أختها الكبيرة وكما رأيت بنفسي فقررت أن أخطبها فشاورت أمي التي لم توافقني الرأي وقالت لي إن الأمور رجعت كما كانت بالسابق وحكت لي بعض المواقف الأخيرة فوافقت أمي على ما قالت وصرفت النظر عن الموضوع. ولكنى لم أتحدث إلى خالتي من ذلك الوقت حوالي ٦ أشهر, وذلك لأني غاضب منها كثيرا ولأنها مصممة على ما تفعله. وفى نفس الوقت أريد أن أحدثها وأوضح لها ما فعلته بابنتها حيث إن خالتي كانت ترغب وبشدة في أن أتزوج بنتها وإنها خيبت ظني فيها وفى بنتها. ولكنى لا أريد أن تعرف خالتي أن أمي من حدثني عن بعض المواقف حتى لاتنشأ بينهم قطيعة.

فما الحكم إنني لا أتكلم مع خالتي منذ ٦ أشهر مع العلم أنني خارج البلاد. وكيف السبيل إلى هداية خالتي إلى الطريق الصحيح؟ وكيف السبيل إلى إصلاح حال بنت خالتي قبل فوات الأوان؟ وهل يمكن أن أتزوجها بعد ذلك أم كما يقولون إن العرق دساس.

أرجو الإجابة؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا شك أن خروج المرأة إلى الشارع بالمكياج والبنطلون هو من التبرج المحرم الذي نهى الله عنه بقوله: وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى {الأحزاب:٣٣} .

بل قد أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم – أن المتبرجات من أهل النار فقال فيما رواه مسلم وغيره: صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا. وقد سبق الكلام بالتفصيل عن حكم المكياج ولبس البنطلون للمرأة في الفتاوى رقم: ٢٠٧٦٦ , ٤٠٥٢ , ٥٥٢١.

وأما بالنسبة لخالتك فهي من أرحامك الذين يجب عليك صلتهم، ولا يجوز لك أن تهجرها لأنك بهذا تكون قاطعا لرحمك, قال سبحانه: وَاتقوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ {النساء:١} .

قال النووي في شرحه على مسلم نقلا عن القاضي عياض: واختلفوا في حد الرحم التي تجب صلتها، فقيل: هو كل رحم محرم بحيث لو كان أحدهما ذكراً والآخر أنثى حرمت مناكحتهما، فعلى هذا لا يدخل أولاد الأعمام، ولا أولاد الأخوال، وقيل هو عام في كل رحم من ذوي الأرحام في الميراث، يستوي المحرم وغيره. اهـ

فسارع إلى صلة خالتك, خصوصا مع ما ذكرت من أنها تمنع ابنتها من التبرج, مما يفهم منه أنها لا توافق ابنتها على ذلك، وإن كان عندها بعض التقصير ولا شك, فعليك باستدامة النصح لخالتك طالما أنها تستجيب لك, واعلم أن الإنسان خصوصا في هذه الأزمان كثيرا ما تستولي عليه الغفلة والنسيان ويحتاج إلى من يداوم على نصحه وتذكيره بأوامر الله وأحكامه.

والذي نراه بناء على كلامك أن أصل الخير موجود في هذه الأسرة بدليل ما ذكرت أن إخوة هذه الفتاة يأمرونها دائما بالحجاب وأنها كثيرا ما تستجيب لهم، ولكن ما تلبث أن ترجع مرة أخرى, فإن غلب على ظنك أن هذه الفتاة مطيعة وأنه يسهل انقيادها لأمر الله سبحانه إذا وجدت من يعينها على ذلك فلا بأس حينئذ بالزواج منها، ولكن إن عارضت أمك هذا الزواج ولم تستطع إقناعها به فعليك بالانصراف عن هذه الفتاة لأن طاعة الأم مقدمة على الزواج بامرأة معينة.

وننصحك عموما بالاستخارة في أمورك كلها، وللفائدة تراجع الفتاوى رقم: ٢١٩٨٦، ١٧٠٩٢، ١٠٦٣٦٠، ٦٥٦٣.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٤ رمضان ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>