للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[من العقوق لوم البنت لأمها وإخبارها بأنها تكرهها]

[السُّؤَالُ]

ـ[ذهبت أنا وأمي إلى مكة لأداء العمرة وهي مسنة، وكنت أنا من طول السفر قلت لها لما نرتاح سننزل ونعمل العمرة وكان معي طفلتي الصغيرة فقالت لي إنها سوف تذهب لصلاة العشاء وتعود ونمت أنا وطفلتي من التعب والإرهاق ولم أستيقظ إلا عند أذان الفجر، ولم أجد الوالدة في السرير، وسألت عنها قالوا يمكن تكون تاهت ... وعندما عادت وعلمت أنها كانت تعمل العمرة استشطت غضبا وحصلت مشادة كبيرة بيننا وسبتنى بألفاظ نابية فأصررت على أن نعود في نفس اليوم وعدنا ولم أعمل العمرة ولكنني قلت عند عقد النية إذا حبسني حابس فمحلى حيث حبستني ... فهل علي ذنب تجاه أمي حيث قلت لها إنني أكرهها أكثر من مرة لأنها سبتني كثيرا ولم تعد أي قدرة للاحتمال وأنا سريعة الغضب....وماذا أفعل لأنني لم أعمل العمرة فهل علي ذنب....أجيبوني أرجوكم لأنني من يومها وأنا في اكتئاب ... وشكرا.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنقول للسائلة نعم لقد ارتكبت ذنبا عظيما واقترفت جرما فظيعا بمشادتك مع والدتك وملامتك إياها وإخبارها بأنك تكرهينها، كل ذلك من العقوق الذي هو أعظم الكبائر بعد الإشراك بالله تعالى، كما ثبت في الصحيحين.

واعلمي أن التي تكرهينها وتقابلينها بالمشادة وتصبين عليها جام غضبك هي التي حملتك كرهاً ووضعتك كرهاً وأرضعتك ونظفتك من الأقذار وسهرت عليك، فانتبهي من غفلتك واحذري من عقاب الله تعالى في الدنيا والآخرة فإن العقوق مع أنه من الكبائر فإنه من الذنوب التي تظهر عقوبتها في الدنيا قبل الآخرة، وكونك سريعة الغضب ليس عذرا يبرر سوء الأدب مع أمك ومقابلتها بما تكره كما أن سبها إياك لا يبيح لك الرد عليها بالمثل ولا بما تكره، بل يجب عليك أن تصبري وتتحملي كلما يصدر منها امتثالا لأمر الله تعالى وحرصا على رضاه ورضا أمك.

لذا فإننا ننصحك بالتوبة إلى الله تعالى والمبادرة بإرضاء أمك قبل فوات الأوان، وأن تطلبي منها الصفح والعفو، وأن تستمري في إرضائها طيلة حياتكما ليختم لك ببر الوالدين الذي هو من أسباب دخول الجنة.

أما رجوعك إلى بلدك دون أن تعتمري وأنت قد أحرمت فهو خطأ ولا يفيدك الاشتراط لأنك لم تذكري أنه حصل لك ما يمنعك من إكمال نسكك، ويجب عليك الامتناع عن محظورات الإحرام لأنك لا تزالين في إحرامك، وتجب عليك العودة لتأدية العمرة، وتراجع الفتوى رقم: ٤٥٥٤٧ لمعرفة ما تفعلينه عند العجز عن الرجوع إلى مكة لأداء العمرة، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: ١٥٦٥.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٥ جمادي الثانية ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>