للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[للوالدين حق وإن أساءا وكانا بعيدين عن الدين]

[السُّؤَالُ]

ـ[لدي مشكلة أعاني منها منذ زمن وهي فيما يتعلق بعقوق الوالدين: وسؤالي هو: إن كان الوالدان يتسببان في عقوق أبنائهم أو يحرضانهم على ما لا يرضى الله ورسوله مع علمهم بأن ذلك لا ينطبق مع تعاليم ديننا الحنيف ... خصوصا أنني أعيش في بلد عربي أهله كثيرو الانحراف الأخلاق لا يدينون من الإسلام بأخلاقه ولا يحلون ما أحل الله ولا يحرمون ما حرم رسوله. ولكن ينتهكون ولا يبالون ويرجون الله غرورا ولا يخافون. وقد كثر الفسق وعم سوء الخلق. وهذا لأنني كثير العزلة والميول إلى الوحدة وبعيد عن الاختلاط والمصافحة وأجتهد في ذلك لأنني أعلم وأميز بين ما يرضي الرب وما يسخطه وأعتبر بقية الخلق همج لا خير فيهم ولا ينبغي طاعة مخلوق في معصية الخالق وإرضاء المخلوق بسخط الخالق ما دام قائما على حكمه. وهذا ما جعلهما (الوالدين) شديدي السخط لأنهم متمسكون بل مغترون بوجوب طاعتهما ما دام ذلك أمر في الدين. فهم لا يعلمون من الدين إلا طاعتهم وبالنسبة لهما لا حق لهما علينا كأبناء. وحتى لا ندخل كثيرا في التفاصيل فماذا ينبغي أن أفعل وكيف علي أن أعاملهما وهل إن كنت عصيتهما هل هذا داخل في دائرة العقوق وفيما ينبغي طاعتهما وفيما لا ينبغي ذلك. خصوصا أنني لم أعد أطيق ما يظهر منهما من الوقاحة والتسلط والتجبر والكبرياء والطمع. الرجاء الرد.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن قولك: ... "وأعتبر بقية الخلق همجا لا خير فيهم"، ليس مما يليق بالمسلم قوله؛ فقد ورد أن رؤية الفضل على الغير لا تجوز. قال الشيخ الأخضري: ويحرم عليه الكذب والغيبة والنميمة والكبر والعجب والرياء والسمعة والحسد والبغض ورؤية الفضل على الغير ... إلخ.

وفيما يخص موضوع سؤالك، فليس من شك في أن ما ذكرته عن والديك من تحريضهما على ما لا يرضي الله ورسوله، ومن وقاحة وتسلط وتجبر وكبرياء وطمع ...

وما ذكرته عن المجتمع من انحراف في الأخلاق، وعدم إحلال ما أحل الله ورسوله، وعدم تحريم ما حرم الله ورسوله ... وانتهاك وعدم مبالاة، وكثرة فسق وسوء خلق ... هي جميعها أمور بعيدة عن الدين.

ومع هذا فالواجب أن تعلم أن لوالديك عليك حقا لا يسقط ولو كانا مشركين، وأحرى إذا كانا داخلين في جملة المسلمين. قال تعالى: ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكرلي ولوالديك إلي المصير* وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي. [لقمان: ١٤-١٥] .

وحذر النبي صلى الله عليه وسلم من عقوق الوالدين أشد تحذير حيث قال: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثا، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: "الإشراك بالله، وعقوق الوالدين" وكان متكئا فجلس فقال: "ألا وقول الزور وشهادة الزور". فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. والحديث متفق عليه.

فالواجب -إذا- هو أن تبر بوالديك وتحترمهما، وتصاحبهما بالمعروف، وأن لا تطيعهما إذا أمراك بما لا يرضي الله.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٥ محرم ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>