للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[بر الوالدين الكافرين وحكم مشاركتهم في أعيادهم]

[السُّؤَالُ]

ـ[اعتنقت الإسلام منذ ٣ سنوات، عندما قرأت القرآن في الأول تكلمت كثيراً مع عائلتي عن الإسلام ولكن بدون فائدة، وهذا الألم يحزنني، والآن أنا متزوج بعربية وقررت السكن بجوارهم لكي أتكلم معهم عن الإسلام لكن هذا صعب جداً لأنهم حتى لا يطرحون الأسئلة عن الإسلام، وأنا والحمد لله على علاقة جيدة معهم، وأزور أختي ووالداي، ولكن لا نتكلم عن الإسلام وأنا محرج جدا لأننا كثيرا من المرات تكون هناك أشياء حرام كالخمر، نحن نأكل معهم وهم يشربون الخمر، والآن السنة الجديدة اقتربت وهم يحتفلون بها، وطبعا سيدعوننا وهذا صعب علي، وكذلك نتبادل الهدايا بالسنة وأنا أعرف أنه لا يجب، وفي نفس الوقت لا أريد أن تسوء علاقتي بهم حيث إنهم طيبون معنا وأمي تساعدنا كثيراً ...

جزاكم الله خيراً أريد أن تنصحوني كيف أتعامل في هذه المواقف وفي نفس الوقت أبقى على علاقة طيبة معهم أنا وزوجتي، وكذلك ماذا أفعل بهذه السنة، وكذلك كيف يمكنني أن أتحدث لهم عن الإسلام هل أدعوهم طول الوقت أم أترك ذلك مع الزمن ربما يطرحون أسئلة عن الإسلام أو الله يهديهم، لا أعرف ماذا أفعل؟

فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب على الأولاد بر الأبوين والإحسان إليهما ومصاحبتهما في الدنيا معروفاً، كما أمر الله: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:١٥} .

ولا يجوز للمسلم أن يجالس أصحاب المعاصي على معاصيهم، فقد قال عز وجل: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ {النساء:١٤٠} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر. رواه أحمد وغيره.

ومن هذا تعلم أن ما أنت عليه من العلاقة الجيدة مع أبويك وأختك وبرهم وزيارتهم هو الصواب.

وأما ما ذكرته من مجالستهم وهم في حال شربهم للخمر، فإنه لا يجوز لما تقدم، كما أنه لا يجوز مشاركة الكفار في الاحتفال بعيد أول السنة الميلادية ولا تهنئتهم بهذه المناسبة، لأن العيد من جنس أعمالهم التي هي دينهم الخاص بهم، أو شعار دينهم الباطل، وقد نهينا عن موافقتهم في أعيادهم، دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع، ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: ٢٦٨٨٣.

وفي دعوة الأهل إلى الإسلام عليك أن تتوخى الحكمة والجدال بالحسنى عملاً بقوله تعالى: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ {النحل:١٢٥} ، واحرص على الإيضاح لهم بالقول اللين ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، عملاً بقوله تعالى لموسى عليه السلام لما أرسله لفرعون: فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى {طه:٤٤} ، ثم تعهدهم بالدعوة مرة بعد مرة ولا تكثر لئلا يرفضوا الاستماع إليك، وادع لهم في أوقات الاستجابة فإن الله قادر على الأخذ بنواصيهم إلى الخير.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٥ ذو القعدة ١٤٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>