للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[دخولك في الإسلام وزواجك من مسلم ليس من العقوق في شيء]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا فتاة ديانتي درزية وأسكن مع عائلتي في بلد عربي وأنا إنسانة مؤمنة بالله وبرسول الله، أنا على علاقة حب مع إنسان مسلم وأريد أن أتزوجه وأسلم إن شاء الله، ولكن عائلتي ترفض ذلك ولم يوجد حل إلا أن أترك أهلي وأسافر إلى هذا الإنسان وأتزوجه، أريد أن أعرف ما مصيري عند الله من الجنة والنار إن بقيت على ديني

وهل أغضب الله إذا تركت أهلي وسافرت وتزوجته وأسلمت مع أني أعرف أن رضى الوالدين من رضى الله؟

وشكراً لكم.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يمن عليك بالهداية ويوفقك لما يحب ويرضى إنه ولي ذلك والقادر عليه، ونحيلك أيتها السائلة الكريمة على الفتوى رقم: ٢٣٥٤، لتقفي على جملة من عقائد تلك الطائفة وتعلمي أن من يعتقد تلك المعتقدات هو كافر بالله عز وجل ومكذب لرسله ومصيره إلى النار والعياذ بالله إن مات على ذلك، ولا يجوز للمسلمين مناكحته لكفره.

وندعوك إلى التبرؤ من تلك المعتقدات والتمسك بالإسلام والاستقامة عليه وإن رفض ذلك أهلك أو غيرهم كما قال تعالى في محكم كتابه: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {العنكبوت:٨} ، وانظري الفتوى رقم: ٥٦٠٧١ ففيها بيان كيفية العلاقة والإحسان إلى ذوي الرحم غير المسلمين.

ورضى الوالدين لا يكون من رضى الخالق إلا إذا لم يكن في معصية الله؛ إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه، وليكن لك في قصة سعد مع أمه أسوة وسلوة، فقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث مصعب بن سعد عن أبيه: أنه نزلت فيه آيات من القرآن، قال: حلفت أم سعد أن لا تكلمه أبداً حتى يكفر بدينه ولا تأكل ولا تشرب، قالت: زعمت أن الله وصاك بوالديك وأنا أمك وأنا آمرك بهذا، قال: مكثت ثلاثا حتى غشي عليها من الجهد، فقام ابن لها يقال له عمارة فسقاها، فجعلت تدعو على سعد، فأنزل الله عز وجل في القرآن هذه الآية: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ. وأخرج ابن كثير في تفسيره عنه قال: كنت رجلا براً بأمي، فلما أسلمت قالت: يا سعد ما هذا الذي أراك قد أحدثت؟ لتدعن دينك هذا أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فتعير بي، فيقال: يا قاتل أمه، فقلت: لا تفعلي يا أمه، فإني لا أدع ديني هذا لشيء. فمكثت يوما وليلة لم تأكل، فأصبحت قد اشتد جهدها، فلما رأيت ذلك قلت: يا أمه تعلمين والله لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني هذا لشيء، فإن شئت فكلي، وإن شئت لا تأكلي، فأكلت.

فأسلمي لله وآمني به وبكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، واستقيمي على ذلك، وحينئذ يجوز للمسلم أن يتزوجك، وإذا لم يكن لك ولي مسلم يتولى أمرك ويعقد للفتى عليك فتوكلين رجلاً عدلاً من عامة المسلمين فيعقد لك، ولا عبرة برفض أبويك حينئذ؛ إذ لا ولاية للكافر على المسلم، وانظري في ذلك الفتوى رقم: ٥٦٩٠٥، ولمعرفة حكم الحب في الإسلام وكيفية علاجه انظري الفتوى رقم: ٥٧٠٧، والفتوى رقم: ٩٣٦٠.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٤ جمادي الأولى ١٤٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>