للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[هل تمتنع البنت عن مجالس العلم إذا أمرها أبوها بذلك]

[السُّؤَالُ]

ـ[هل الذهاب لمجلس العلم وتعلم العلوم الشرعية فرض، أي إذا منعني أبي هل أطيعه أم لا؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: ١٥٨٧٢، والفتوى رقم: ١١٢٨٠ أن العلم منه ما هو واجب على كل مكلف أن يعلمه، وهذا العلم لا يشترط له رضا الوالدين وإذنهما في تعلمه، بل يجب على المسلم أن يطلبه بكل حال، قال في كشاف القناع: ولا طاعة للوالدين في ترك فريضة كتعلم علم واجب يقوم به دينه من طهارة وصلاة وصيام ونحو ذلك.... انتهى.

ومنه ما هو فرض كفاية لا يجب على كل مسلم تعلمه، وإذا منع الأبوان أو أحدهما الولد من طلب هذا العلم فظاهر كلام العلماء أنه لا تلزم طاعتهما وللولد مخالفتهما إلا إذا أراد السفر لطلب هذا العلم فإنه لا يسافر إلا بإذنهما، قال الغزالي في الإحياء: وكذلك ليس لك أن تسافر في مباح أو نافلة إلا بإذنهما ... والخروج لطلب العلم نفل إلا إذا كنت تطلب علم الفرض من الصلاة والصوم ولم يكن في بلدك من يعلمك ... فعليه الهجرة ولا يتقيد بحق الوالدين.. انتهى مختصراً.

وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية: لا يطيعهما في ترك نفل مؤكد كطلب علم لا يضرهما به. انتهى.

ولكن لو كان للوالد غرض صحيح في منع ولده من طلب علم الكفاية كأن يخاف عليه أذية الفساق ونحو ذلك وجب على الولد طاعته والده حينئذٍ ولا يخرج من البيت إلا بإذنه، قال الهيثمي في الفتاوى الفقهية عند كلامه على خروج الأمرد لطلب العلم: نعم إن كان في البلد فجرة يأخذون من خرج من المرد إلى السوق مثلاً قهراً عليهم تأكد على الولد أن لا يخرج وحده ... فأمر الوالد له في هذه الحالة بعدم الخروج مع الخوف يعذر فيه فلا يجوز للولد مخالفته. انتهى.

وبناءً عليه فلا حرج على الأخت السائلة في الخروج من البيت لطلب العلم ولو كان علماً كفائياً مع عدم رضا والديها إلا إذا كان لأبيها غرض صحيح في منعها كأن يخشى عليها أذية الفساق فيجب عليها حينئذٍ طاعته أبيها ويحرم عليها الخروج.

ونختم بهذا الكلام النفيس لابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى بعد أن قرر أن للولد مخالفة أبيه في طلب العلم، قال: فليحترز الولد من مخالفة والده فلا يقدم عليها اغتراراً بظواهر ما ذكرنا بل عليه التحري التام في ذلك ... والحاصل أن مخالفة الوالد خطيرة جداً فلا يقدم عليها إلا بعد إيضاح السبب المجوز لها عند ذوي الكمال. انتهى.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠١ ذو القعدة ١٤٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>