للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[هل تطيع أباها فتصلي معه جماعة في البيت]

[السُّؤَالُ]

ـ[سوف أشرح لحضراتكم مشكلتي وأرجو أن تفيدوني بحكم الشرع في هذه الوضعية أفادكم الله

المشكلة تخص والدي بالتحديد، فهو رجل متدين حافظ للقرآن ومتقاعد فهو يمضي جل وقته في تلاوة القرآن ومطالعة كتب الدين والتفسير، إلا أنه لا يصلي في المسجد إلا نادرا وذلك في بعض أيام الجمعة وحتى هذه لا يواظب عليها ولا على صلاة العيدين، وذلك رغم استطاعته لذلك ورغم أنه يوجد بقربنا العديد من المساجد فضلا عن توفره على سيارة. فهو طوال أيام السنة يصلي في البيت غالبا وحده ونحن نصلي وحدنا أنا وأخواتي البنات (ليس لي إخوة ذكور) أحيانا جماعة وأحيانا فرادى، إلا أنه ومع حلول شهر رمضان يطالبنا بالصلاة معه (فقط في صلاة العشاء والتراويح والفجر) وإن لم نستجب له لا يرضى وقد كنا في ما مضى غالبا نستجيب له أما هذا العام فقد قررت ألا أصلي معه أبدا وذلك حرصا مني على ألا أشجعه على ما هو فيه وخصوصا أني قرأت مجموعة من الفتاوي تقضي بضرورة وأهمية الصلاة في المسجد للرجال وخشيت أن أبوء بإثمه. ما حصل أن أمي وأخواتي لم يستطعن مقاومته وخضعن له وصلين معه. وأنا أصررت على موقفي. في نهاية الأمر اكتشفت أنه غير راض عني بتاتا ويتجنبني ويتجنب الكلام معي ومناداتي وهذا طبعا لا يرضيني لأنني مأمورة بإرضائه. فأرجو إفتائي وهل أنا آثمة في رفضي الصلاة معه؟ وما يحز في نفسي هو أن يكون هذا الموضوع سببا في عدم قبول رمضان مني.

وأشير في النهاية إلى أن أبي لا يقبل النقاش في أي موضوع ويظن أنه على حق مطلقا، فكيف يمكنني التعامل معه في هذه الحالة بالشكل الذي يرضي الله عز وجل.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن صلاة الجماعة وإن كانت غير واجبة على النساء إلا أنه كان يتعين على الأخت السائلة أن تصلي مع أبيها لوجوب طاعته عليها، والله تعالى أمر بصحبة الوالدين بالمعروف وبرهما والإحسان إليهما، وليس من صحبتهما بالمعروف عصيان الأب إذا طلب منكم أن تصلوا معه جماعة.

وبما أن الأخت السائلة كانت تنوي خيرا وهو حث أبيها على أداء الجماعة في المسجد فنرجو من الله تعالى لها العفو والمسامحة، ولتحرص على إرضاء والدها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: رضى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد. رواه الترمذي وصححه الألباني.

ولا شك أن ما ذكرته الأخت السائلة عن أبيها من التخلف عن الجماعة في المسجد والجمعة أحيانا والعيدين لا شك أن ذلك أمر يؤسف له، فصلاة الجماعة واجبة في المسجد كما سبق بيانه في الفتوى رقم: ٢٦١٦٥، والفتوى رقم: ٥١٥٣، والتخلف عن صلاة الجمعة من غير عذر كبيرة من الكبائر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من ترك ثلاث جمع تهاونا بها طبع الله على قلبه. رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني، فترك الجمعة من أسباب الطبع على القلب والعياذ بالله، والواجب على الأخت السائلة نصح أبيها بالمعروف وإذا كان واقع الحال ما ذكرته من أنه لا يقبل الحديث ويظن أنه على صواب فلتتجنب نصيحته مباشرة ولتستعن على نصحه بوضع بعض الكتب والأشرطة في البيت والتي تتكلم عن وجوب صلاة الجماعة والجمعة ولتستعن على نصحه أيضا بمن له تأثير عليه من الأقارب أو الجيران والأصدقاء وقبل ذلك تستعين بالله تعالى فتجتهد في الدعاء لعل الله أن يشرح صدره ويستجيب للحق.

وأخيرا نحيلك للفتوى رقم: ٣٥٧٥، والفتوى رقم: ٥٩٢٥، حول معاملة الوالدين، وننصحك باطلاعه على هذه الفتوى والفتاوى المحال عليه فيها.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٩ شوال ١٤٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>