للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الصبر على أذية الأقارب]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا لي أقارب كل ما وصلتهم قطعوني وكل ما زرتهم توعدوني وكل ما سامحتهم آذوني كل ما أحسنت لهم أساؤوا لي حتى صرت لا أستطيع سوى السؤال عن عالمهم فقط من باقي العائلة وحتي في سؤالي عنهم أجد منهم إيذاءً شديد والسبب في كل هذا أني تزوجت من بنت عمي دون أن أخبرهم بل إنهم أقسموا على قتلي والتمثيل بي، مع العلم بأن قرابتهم بها (أبناء خالتها) وأنا لم أعزمهم على العرس لأنهم خانوا الأمانة وتركوا بنت خالتهم بلا مصروف ولم يرسلوا لها درهما ولا دينارا والله يعلم حتى تزوجت منها، وقد توقفت عن وصلهم، فهل أنا قاطع للرحم؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنقول لك: أبشر بوعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن هو صابر على مثل حالك، فقد أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً قال يا رسول الله: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأُحسن إليهم ويسيؤون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال صلى الله عليه وسلم: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.

قال الإمام النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث: ومعناه كأنما تطعمهم الرماد الحار، وهو تشبيه لما يلحقهم من الألم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم، ولا شيء على هذا المحسن، بل ينالهم الإثم العظيم في قطيعته وإدخالهم الأذى عليه.

وقيل: معناه إنك بالإحسان إليهم تخزيهم وتحقرهم في أنفسهم لكثرة إحسانك وقبيح فعلهم من الخزي والحقارة عند أنفسهم كمن يسف المل. وقيل: ذلك الذي يأكلونه من إحسانك كالمل يحرق أحشاءهم. والله أعلم. انتهى.

فَدُم على ما أنت عليه يا أخي حتى يكون الله عز وجل عونك وناصرك عليهم، ويحرم عليهم شرعاً أن يعادوك من أجل زواجك ببنت عمك، وإذا توقفت عن صلتهم خوفاً من أذيتهم لك، فلست آثماً ولا قاطعاً لرحمك، مع أن الإحسان إليهم والصبر على أذاهم أفضل لك للحديث السابق.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٨ شعبان ١٤٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>