للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[تقصير الآباء تجاه أولادهم لا يعفيهم من البر بهم]

[السُّؤَالُ]

ـ[أبي تركنا ونحن صغار فهل نعصيه؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أوجب الله تعالى بر الوالدين والإحسان إليهما في أكثر من موضع من القرآن، وكلها يربط الحق سبحانه فيها بين توحيده جل جلاله وبين البر بالوالدين لينبه إلى أهمية هذا الأمر، فقال سبحانه وتعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً {النساء:٣٦} ، وقال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:٢٣-٢٤} ، وقال سبحانه: وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ المَصِيرُ {لقمان:١٤} .

وهكذا جاءت الأحاديث الصحيحة تؤكد هذا المعنى، ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضا الرب من رضا الوالد، وسخط الرب من سخط الوالد. رواه الترمذي، وفيه كذلك: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه.

ثم إن الخلق الحميد يقتضي أن يكون الإنسان بارا بأبويه، محسنا إليهما لأنه إذا لم يكن لهما فضل إلا أنهما سبب في وجود الولد لكان كافيا، ولا ينقص من حق الأبوين في البر والإحسان كونهما لم يقوما بما أوجب الله عليهما من حقوق النفقة والتربية تجاه أبنائهم، بل الواجب على الأبناء مقابلة ذلك بالصبر والإحسان، ومن خالف ذلك كان عاقا، ولا يخفى ما في العقوق من عظيم الإثم.

وبناء على ما ذكر، فلا يجوز لكم معصية أبيكم في المعروف ولو كان قد ترككم في الصغر ولم يهتم بأمركم.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٠ شعبان ١٤٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>