للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[هل يسكت على إهانة والديه لزوجته]

[السُّؤَالُ]

ـ[زوجني أبي بماله الخاص وسكنت معه في شقة خاصة به في منزله وأنا مطيع له جداً، ولكن أهلي يريدون الأكثر وهو أن يهينوا زوجتي وأنا أسكت، وإذا تكلمت أصبح غلطانا ويهددني بخروجنا من البيت، فاضطررت للسفر للخارج وتركت زوجتي في شقتي معهم وحصلت مشاكل بسبب هذا الموضوع، فهل إذا عصيت أهلي بعدم سماع كلامهم في إهانتهم لزوجتي أكون عاصيا لهم، الرجاء الإفادة بأسرع وقت لأن بيتي الآن ينهار بسرعة كبيرة؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فبر الوالدين من أوجب الواجبات، لقول الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:١٤-١٥} ، فأمر الله تعالى بمصاحبة هذين الوالدين المشركين اللذين يبذلان الجهد في أمر ولدهما بالشرك، أن يصاحبهما في الدنيا معروفاً.

فكيف بوالدك المسلم وقد أحسن إليك، وأغدق عليك بفضله وإحسانه، صغيراً وكبيراً، غير أن طاعة الوالدين مقيدة بالمعروف، وفي غير معصية الله عز وجل، مما فيه نفعهما ولا ضرر فيه على الولد، أما ما لا منفعة لهما فيه، أو ما فيه مضرة على الولد فإنه لا يجب عليه طاعتهما حينئذ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الاختيارات: ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية، وإن كانا فاسقين.... وهذا فيما فيه منفعة لهما، ولا ضرر عليه. انتهى.

وليس من المعروف طاعتهما في إهانة الزوجة، بل هذا من إعانتهما على المعصية، فلا يجوز طاعتهما في هذا الأمر، وعليك أن توفر للزوجة سكناً مستقلاً لا تتضرر فيه من أهلك، إن أمكنك ذلك.

أما الوالد فنذكره بأن لا يبطل صدقته بالمن والأذى، فيحبط أجر عمله وإحسانه إليك، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ {البقرة:٢٦٤} ، ونسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير، وأن يهدي والداك، ويصلح أحوالكم.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٩ جمادي الثانية ١٤٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>