للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[هل تحفظ القرآن أم تشتغل برعاية أمها وزوجها وأولادها]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا ربة منزل أبلغ من العمر ٤٧ عاما ولي أولاد وزوج وتعيش معي والدتي المريضة، أحاول دائماً أن اقرأ ما تيسر من القرآن في أوقات فراغي، ذات يوم سألتني سيدة لما لا أقوم بحفظ السور القرآنية بالأحكام في المسجد، فقلت لها أن مسؤولياتي ووالدتي المسنة المحتاجة إلى رعايتي المستمرة يمنعاني من ذلك، فهذا في حد ذاته جهاد، مع العلم بأنني أحفظ بعض السور القصيرة التي أستخدمها في الصلاة، فقالت لي السيدة حفظ القرآن شيء وكل ذلك شيء آخر، أريد أن أعرف رأي الشرع في ذلك؟ وبارك الله فيكم.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يثيبك على عنايتك بأمك ورعايتك لبيتك وييسر لك حفظ كتابه والعمل به إنه سميع مجيب، وأما ما سألت عنه من تقديم حق الأسرة والوالدة أو حفظ كتاب الله في المسجد فالجواب عنه أن الأولى والأكمل والأفضل هو الجمع بين ذلك كله إن أمكن ولا تعارض، فما كان من وقت الفراغ تحفظين فيه ما تيسر حفظه وذلك أولى وأفضل من مجرد قراءته دون حفظ، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: ٣٦٥٩٣.

وفي كل خير لقوله صلى الله عليه وسلم: من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف. رواه الترمذي وهذا يستوي فيه القارئ عن حفظ وعن غيره.

ولكن إذا تعذر الجمع بين ذلك فالمقدم حفظ رعيتك من أولادك وزوجك والعناية بأمك ثم اقرئي ما تيسر لك من القرآن؛ لأن طاعة الزوج وبر الوالدين واجب، وحفظ القرآن كاملاً ليس بواجب، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: ٧٦٩٣، والفتوى رقم: ٤٨٦٩٧.

ونوصيك أنت أن تحرصي على الإحسان إلى أمك عملا بقول الله تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً {البقرة:٨٣} ، سيما وهي ضعيفة مسنة لقول الله تعالى: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:٢٣-٢٤} ، وفي الحديث: رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة. رواه مسلم وأحمد.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٩ محرم ١٤٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>