للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[البر واجب وإن جحد الأب حق ابنته]

[السُّؤَالُ]

ـ[بسم الله الرحمن الرحيم

أنا فتاة متحصلة على شهادة تعليم عال منذ أكثر من ست سنوات زاولت دراستي بإمكانيات مادية زهيدة جداً مراعية في ذلك إمكانيات عائلتي المحدودة الدخل وإثر تخرجي من الجامعة حاولت كثيراً لأحصل على وظيفة لكن دون جدوى، ومع ذلك لم أيأس ولم أقنط من رحمة الله وأصررت على تحدي كل الظروف والعوائق وحتى أتمكن من مساعدة أسرتي وحتى لا أكون عبئا عليها قبلت بوظائف دون مستواي العلمي بكثير وليس لها صلة بمجال تخصصي وصرت أستثمر كل ما أتقاضاه من أجر في مساعدة أسرتي على تحمل المصاريف اليومية وفي إصلاح بيتنا والاجتهاد في خلق مورد رزق خاص حتى يتمكن والدي من الاعتماد عليه خاصة وأنه ليس لديه عمل قار وهو في طريقه إلى التقدم في السن ولما احتجت إلى مقر أساسي لمشروع فلاحي صغير أعوزتني المادة للقيام بذلك فقمت بتقديم مطلب في قرض يحدوني العزم والإصرار وتحصلت على القرض فقمت ببناء منشأة على أرضنا الفلاحية وعملت جاهدة على زرع نواة مشروع فلاحي صغير أقوم برعايته من جهة وخلاص أقساط القرض من جهة ثانية دون مساعدة من أحد جائتني فرصة في القيام بتكوين إضافي لتحسين مستواي العلمي فطلبت من والداي نيابتي في الاعتناء بالمشروع ومساعدتي على تحمل جزء من المصاريف في حين تطلب الظرف ذلك خاصة وأن مدة التكوين تتطلب بعض المصاريف الإضافية بما أنهما قادران بدنيا على القيام بذلك، فما راعني إلا ووالداي يصرخان في وجهي أمام كافة أفراد الأسرة ويأمراني بالتخلي عن المشروع وبأن الأمر لا يخصهما وبأنهما ليسا مستعدين لمساعدتي وفي هذا الإطار أعلمني والدي بكل ثقة في النفس (ثقة المطلع والمسترشد عن المسألة جيدا) بأني لا أملك شيئا خاصا بي وأن ما أنشأته كله موجود فوق أرضه وهي باسمه بالتالي ليس لي مستند قانوني يثبت عكس ذلك صدمت كثيراً صرخت وبكيت طويلا، حاول أخي جاهداً أن يرجعه إلى طريق الحق بقوله أن ما يقوم به خطأ جسيم في حق ابنته التي ضحت بأجمل سنين حياتها في سبيل الأسرة وفي سبيل هذا المشروع وأن تضحيتها لا يجب أن تقابل بهذا الإنكار والجحود لكن دون جدوى، باشرت القيام بالتكوين الإضافي بمدينة غير التي بها البيت العائلي وتركت الجمل بما حمل أحاول تجاوز ما حصل لي بالصلاة والدعاء لله متسائلة عن الذنب أو الخطأ الذي قمت به لأستحق هذه المعاملة مصابي إخوتي الأعزاء ليس في ما هو مادي فقد كانت نيتي منذ البداية أن ما أقوم به هو لأسرتي وليست لي أي نية في امتلاك شيء لنفسي وإلا كنت قمت بذلك منذ البداية خاصة وأنه لا تعوزني المعرفة بالقانون وبنوده بل إن مصابي الكبير في جحود والدي خاصة أبي الذي ما أحببت شخصا في حياتي أكثر منه، فهل يكون النكران جزاء الإحسان، اعذروني أخوتي إن أطلت أو أخطات فأنا في حالة معنوية سيئة؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجزاك الله كل خير على حرصك على زيادة دخل والديك، ونسأل الله الكريم أن يعينك على برهما وأن لا يحرمك أجر ما ضحيت، وأن يعوضك الله خيراً مما فقدت في ذلك المشروع، وتذكري دائماً أنك ما أقدمت على عمل ذلك المشروع إلا لزيادة دخل الأسرة ليرضى عنك والداك ولتنالي ثواب برهما، فلا تفسدي عملك السابق لأجلهما بغضبك الآن منهما وهجرك لهما، فإن بر الوالدين واجب، وحقهما أكيد، وقد أوصى الله تعالى بهما وحذر من عقوقهما وإن ظلما ابنهما وأساءا إليه، وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: ٢١٩١٦، ٢٢١١٢، ١٧٧٥٤، ٨١٧٣، ٢٨٩٤، ٤٢٩٦، ٥٩٢٥، ١١٦٤٩.

ثم اعلمي أنه يجوز للوالد إذا احتاج أن يأخذ من مال ابنه، ولكن من غير إضرار به، وانظري الفتوى رقم: ٧٤٩٠، والفتوى رقم: ١٢٠.

بل إن كانا غير محتاجين لكن يرضيهما أن يصلهما ولدهما بالمال والعطايا، فينبغي عليه أن يصلهما بذلك مادام لا يضره، وانظري الفتوى رقم: ١٢٤٩، والفتوى رقم: ٨٣٥.

كما أن الأرض التي أنشأت عليها المشروع لا زالت ملكاً لوالدك إذا كان هو مالكها ولم يهبها لك؛ لأن إقامة المشروع أو غيره على أرض الغير لا تخرجها عن ملكه.

هذا وإن كان القرض الذي أخذته بالربا -فإن الواجب عليك التوبة، وعقد العزم على عدم العودة إلى ذلك أبداً، والندم على ما فرطت في جنب الله تعالى، فإن الربا لغير المضطر من كبائر الذنوب، ومن السبع الموبقات، وأكله محارب لله ورسوله، وملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانظري الفتوى رقم: ١٦٠٧، وانظري حد الضرورة التي تبيح التعامل بالربا في الفتوى رقم: ٦٥٠١، والفتوى رقم: ١٢٩٧.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٧ رمضان ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>