للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الشوق لرؤية الوالدين لا يبيح الكذب ولا القرض الربوي]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا بحاجة ماسة للمال فأنا في بلد غربة لي بها سنتان ولم أشاهد أهلي، وأبي وأمي مسنان وأخاف أن لا أراهم وكم أنا متشوق لرؤيتهم، ولكن لا أملك المال، وتعرضت لحادث وتسبب في وقوعي بالدين، هذا عدا أني أقوم بتوفير مصروف عائلة أخي الأسير في السجون الإسرائيلية منذ سنين وكم أرهقني هذا الشيء، وقلبي منفطر على رؤية أبي وأمي وأصبحت لا أستطيع العمل ولا أستطيع التفكير سواء كيف أحصل على المال، وأنا في معركة مستمرة مع الشيطان للجوء إلى البنوك والوقوع في مشكلة الربا، وأنا أخاف من عقاب الله إذا لجأت إلى البنك.

تعرفت على شخص يملك المال ولكن لا أستطيع أن أطلب منه مساعدة لعزة نفسي وهو رجل كريم، فلذلك فكرت في طلب سلفة منه على أن أقوم بسدادها على شكل أقساط ... وفكرت في حين سألني لم السلفة أن أخترع قصة تقنعه بحاجتي للمال غير سبب رؤية أبي وأمي، فهل هذا يجوز أو لا يجوز، ويعتبر نوعا من الخداع أرجوكم أعطوني رأيكم لأنني لا أعلم ماذا أفعل؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه لا يجوز لأحد أن يكذب على أحد ألا إذا دعت ضرورة لذلك، ومجرد شوقك لرؤية والديك لا يُعد ضرورة تبيح لك الكذب للحصول على المال من أجل رؤيتهما، وقد بينا حكم الكذب ومفاسده وما يجوز منه في الفتوى رقم: ١٨٢٤، والفتوى رقم: ٣٠٣١٢، والفتوى رقم: ٣٤٥٢٩.

لكن العلماء أباحوا في بعض الأحوال أن يستعمل المرء المعاريض إذا خشي عدم حصول المقصود المحمود من تصريحه، والتورية أن تذكر كلاماً يفهم منه المخاطب شيئاً وأنت تقصد شيئاً آخر، وذلك مشروط بأن لا يترتب على ذلك ضرر لأحد، مع كون الغرض المطلوب تحصيله مباحاً.

روى البخاري في الأدب المفرد عن عمران بن حصين قال: إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب. ورواه البخاري في صحيحه معلقاً بصيغة الجزم.

ويجوز في مثل حالتك استخدام هذا النوع من المعاريض لما في قصدك من البر والصلة للوالدين وبإدخال السرور إلى قلبيهما، وراجع الفتوى رقم: ٢٥٦٢٩، والفتوى رقم: ٢٩٩٥٤.

أما الاقتراض من البنوك الربوية لهذا الغرض فلا يجوز لعدم الاضطرار إليه، وقد قال الله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام:١١٩} ، فلا يجوز لمسلم أن يقترف محرماً ألا إذا اضطر إليه، أما في حال السعة والاختيار فلا يجوز له بحال.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٥ رجب ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>