للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المصاهرة تقتضي المزيد من الإكرام]

[السُّؤَالُ]

ـ[شيخي الجليل أخشى أنك لم تفهم مقصدي في الفتوى رقم ٢٧٤٦٩٠ لأنك شبهتها بفتوى امرأة تريد قطع الرحم أنا لا أريد ذلك بل أريد أن لا يتدخل أهل زوجي في شؤون أولادي أو تربيتهم أو الاهتمام بمسائلهم أو المبيت معهم رغما عني أو البقاء معهم دون أبيهم لكي لا يخرجوا معهم لمكان لا أريده خصوصا وأن هناك عداوة بيني وبينهم كادت أن تهدد زواجي حتى أنني عرضت الصلح عليهم ورفضوا وللعلم بسبب مشاكلي معهم عاقبني زوجي بأنه كره عائلتي وقطع علاقته بهم حتى أختي ممنوع علي زيارتها في بيتها والبيت الوحيد الذي يمكنني أن أذهب إليه هو بيت أمي ولكن رغما عنه لأنه أعطاني وعدا في أول زواجنا أنه لن يمنعني عن أمي فهل من رأيكم إذا طلبت أن يأخذ أولاده ليزوروهم في وجوده ويصلوا رحمهم والرجوع معه وعدم البقاء معهم لوحدهم فهل هذا قطع رحم؟

أرجو أن تجيبوني في هذه الأيام فلقد انتظرت جوابكم طويلا ودمتم في خدمة الإسلام.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن مما يدل على كرم الأخلاق وحسن العشرة بين الزوجين أن يكرم كل منهما أهل الآخر ويحسن إليه، فالمرأة ينبغي لها الاعتناء بالإحسان إلى أهل زوجها، وكذلك الرجل ينبغي له أن يكرم أهل زوجته ويحسن إليهم، لأن ذلك فضلاً عن كونه توطيداً للعلاقة بين الأسرتين فهو عامل مهم في زيادة المحبة والألفة بين الزوجين وأثر طيب تحمد عقباه على الذرية، ومما يدل على إكرام الأصهار وتبجيلهم ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من أخلاق حميدة تجاه أصهاره، ومن ذلك أنه لما تزوج جويرية بنت الحارث رضي الله عنها أعتق كل من ملك من ذي رحم محرم منها إكراما لها، ومنها كذلك وصيته صلى الله عليه وسلم بالإحسان إلى أهل مصر بقوله: إ نكم ستفتحون مصر ... ، فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة ورحماً، أو قال: ذمة وصهراً. رواه مسلم.

فتعليله صلى الله عليه وسلم للأمر بإكرام أهل مصر بأن لهم صهراً يدل على أن المصاهرة تقتضي المزيد من الإكرام كالقرابة.

ومن هنا ندعوك وزوجك إلى هذا الخلق الحميد وترك كل ما من شأنه تنقيص كل منكما لأهل الآخر، ولا يتم ذلك إلا بالتجاوز عن الماضي وطي صفحاته، فإن تم ذلك فقد حلت المشكلة، ثم إنه لا يحرم ولا يعد قطعاً للرحم طلبك من زوجك أن تكون زيارة الأولاد لأهله معه ولا يتركهم عندهم بعده، بل إنه إذا كان في بقائهم عند أهل الزوج تضييع لهم أو خشية من ذلك فلا ينبغي له هو تركهم، ومن حقك أنت أن تطلبي ذلك منه.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٦ جمادي الثانية ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>