للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[أخذ الأب أجرة ابنه من عمله]

[السُّؤَالُ]

ـ[شاب يبلغ من العمر ٢٥ سنة ووالدته مطلقة وتقيم عنده ويقوم هو بالإنفاق عليها وقام والده بفتح محل تجاري وله شريك يقوم بإدارة المحل مقابل النصف في الربح وقام والد الشاب بإجباره على العمل معه في المحل مقابل مبلغ ٢٥٠جنيها في الشهر ويعتبر هذا الإيجار من مصاريف المحل ولكن والده يرفض إعطاءه أجرته ويأخذها لنفسه وهذا الشاب مسؤول عن أسرة ولايجد ما ينفقه على نفسه هل يجوز له أخذ أجرته من المحل دون أن يدري أحد أو ماذا يفعل؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فللوالد أن يأخذ من مال ولده بقدر حاجته، لما روى الحاكم والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أولادكم هبة الله لكم، يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور، فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها. قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في التلخيص، وصححه الألباني في الصحيحة. وبهذا قال أبو حنيفة ومالك والشافعي، كما نقله ابن قدامة في المغني قال: ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن دماءكم وأولادكم حرام عليكم. اهـ. وذهب الحنابلة إلى جواز أخذ الأب من مال ولده لحاجة ولغير حاجة بشرطين، قال المرداوي في الإنصاف: وللأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء، هذا المذهب بشرطه. اهـ. وقال في بيان الشروط: يشترط في أخذ الأب من مال ولده: ألا يضر الأخذ به، كما إذا تعلقت حاجته نص عليه. والراجح عندنا ـ والله أعلم ـ عدم جواز أخذ الأب من مال ولده إلا إذا احتاج إلى ماله، وذلك لحديث عائشة الذي ذكرناه، كما أنه أوفق لقواعد الشريعة الآمرة بالمحافظة على المال، الناهية عن الاعتداء عليه. أما حديث: أنت ومالك لأبيك. رواه ابن ماجه وأحمد، وأبو داود بلفظ مقارب، وصححه الألباني وقال الأرناؤوط حسن لغيره. فمحمول على أن اللام في قوله (لأبيك) ليس للتمليك بل هو للإباحة. وتراجع الفتوى رقم: ٤٧٣٤٥. وبناء على ما رجحناه فلا يجوز لوالدك أن يأخذ من راتبك إلا بقدر حاجته، فإن أخذ أكثر من حاجته مع حاجتك إليه جاز لك أن تأخذ من ماله ما يقابل الزائد على حاجته مما أخذ منك، فإن كان غير محتاج أصلاً كان لك استرداد جميع ما أخذ ما دمت محتاجاً إليه، وهذا ما يعرف في الشرع بالظفر بالحق، وننبه الأخ السائل إلى أنه إذا أخذ من المال الموجود في المحل التجاري، فإنه ولا شك سيأخذ من مال شريك أبيه لأن المال الذي في المحل ملك لهما. فإباحتنا لك الظفر بحقك مشروطة بعدم الإضرار بالغير أو الاعتداء على حقه، قال تعالى: وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {البقرة: ١٩٠} . وقال صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه ابن ماجه.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٦ ربيع الثاني ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>